عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: خَرَجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنَيْنٍ ونحن حُدَثاءُ عَهْد بكُفْرٍ، وللمشركين سِدْرَةٌ يَعْكُفُون عندَها، ويَنُوطُون بها أسلحتهم، يُقَالُ لها: ذاتُ أَنْوَاطٍ، فمَرَرْنا بسِدْرَةٍ فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ أَنْوَاطٍ كما لهم ذاتُ أَنْواطٍ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر، إنها السُّنَنُ! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} لتَرْكَبُنَ سُنَنَ من كان قَبْلَكم».
[صحيح] - [رواه الترمذي وأحمد]

الشرح

يُخْبِرُ أبو وَاقِد الليثي رضي الله عنه عن واقعة فيها عَجَبٌ ومَوْعِظَة: وهي أنهم غَزَوْا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيلة هَوازِنَ، وكان دخولهم في الإسلام قريبًا؛ فخَفِيَ عليهم أمرُ الشرك، فلما رَأَوْا ما يَصْنَعُ المشركون مِن التَبَرُّك بالشجرة طلبوا مِن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يَجْعَلَ لهم شجرة مثلَها؛ فكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم استنكارًا، وتعظيمًا لله، وتَعَجُّبًا من هذه المقالة، وأخبَر أن هذه المقالة تُشْبِهُ مقالةَ قوم موسى له لـمَّا رَأَوْا مَن يَعْبُدُ الأصنام: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}، وأن هذا اتباعٌ لطريقتهم، ثم أخبَر صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستَتَّبِع طريقة اليهود والنصارى، وتَسْلُك مناهجهم، وتَفْعَلُ أفعالهم، وهو خبر معناه الذَّمُّ والتحذير من هذا الفعل.

الترجمة: الإنجليزية الفرنسية الإسبانية التركية الأوردية الإندونيسية البوسنية الروسية البنغالية الصينية الفارسية تجالوج الهندية الفيتنامية السنهالية الأيغورية الكردية الهوسا البرتغالية المليالم السواحيلية بشتو الأسامية السويدية الأمهرية
عرض الترجمات

معاني الكلمات

حنين:
وادٍ يَقَعُ شَرْقي مكةَ بينه وبينها بضعةَ عشر مِيلًا، قاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيلة هَوَازِنَ.
حدثاء عهد بكفر:
قريبو عهد بكُفْر، جديدون في الإسلام.
سدرة:
شَجَرَة النَّبْق.
يعكفون عندها:
يُقِيمُون عندها، ويُعَظِّمُونها، ويَتَبَرَّكُون بها.والعُكُوف: ملازمة الشيء.
وينوطون بها أسلحتهم:
يُعَلِّقُونها عليها للبركة.
سدرة... يقال لها ذات أنواط:
هي شَجَرَةٌ عظيمةٌ كان المشركون يأتونها كلَّ سَنَةٍ: يُعَظِّمُونها، ويُعَلِّقُون بها أسلحتهم، ويَذْبَحُون عندَها، وكان مكانها قريبًا من مَكَّةَ، وسُمِّيَتْ ذات أنواط؛ لكثرةِ ما كان يُعَلَّقُ بها مِن السِّلاح لأجل التَّبَرُّك.
السنن:
الطُّرُق، والمعنى: سَلَكْتُم كما سَلَكَ مَن قَبْلَكم الطُّرُقَ المذمومة.
والذي نفسي بيده:
المراد أن نفسه بيد الله، لا من جهة إماتتها وإحيائها فحسب، بل من جهة تدبيرها وتصريفها أيضا، فما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها سبحانه وتعالى، والمراد بهذا الحلف بالله -تعالى-.
إسرائيل:
هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام.
لتركبن:
لَتَتَبِعُنَّ.
من كان قبلكم:
المراد بهم: اليهود والنصارى.
تجهلون:
الجهل ضد العلم، أي: تجهلون عظمة الله وجلاله.

من فوائد الحديث

  1. استحباب إظهار ما يَدْفَعُ الغِيبَة، حيث قال: «ونحن حُدَثاء عهد بكفر».
  2. أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده لا يُؤْمَن أن يكون في قلبه بَقِيَّةٌ مِن تلك العادة.
  3. أن الإنسان قد يستحسن شيئا يَظُنُّه يُقَرِّبُه إلى الله تعالى، وهو يُبْعِدُه عنه.
  4. أنه ينبغي للمسلم أن يُسَبِّح ويُكَبِّر إذا سمِع ما لا ينبغي أن يُقَال في الدين، وعند التَّعَجُّب.
  5. جواز الحَلِف على الفُتْيَا.
  6. أن التَّبَرُّك بالأشجار شِرْكٌ، ومثلها الأحجارُ وغيرها.
  7. أن سبب عبادة الأصنام هو تعظيمها، والعكوف عندها، والتَبَرُّك بها.
  8. أن الاعتبار في الأحكام بالمعاني لا بالأسماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ما طلبوه كالذي طلبه بنو إسرائيل، ولم يلتفت إلى كونهم سَمَّوْها ذات أنواط.
  9. وجوب سَدِّ الأبواب والطرق التي تُوَصِّل إلى الشرك.
  10. يُعْذَرُ الجاهل بجهله إذا رجَع بعد العلم.
  11. أن ما جاء من النصوص في ذم اليهود والنصارى هو تحذير لنا.
  12. هذا الحديث عَلَمٌ مِن أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، حيث وقَع الشرك في هذه الأمة كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
  13. النَّهْيُ عن التَّشَبُّه بأهل الجاهلية واليهود والنصارى، إلا ما دلَّ الدليل على أنه من ديننا.
المراجع
  1. الجديد في شرح كتاب التوحيد، محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي، تحقيق: محمد بن أحمد سيد، مكتبة السوادي، الطبعة: الخامسة 1424هـ، 2003م.
  2. الملخص في شرح كتاب التوحيد، صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، دار العاصمة، الرياض، الطبعة: الأولى 1422هـ، 2001م.
  3. القول المفيد على كتاب التوحيد، محمد بن صالح العثيمين، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الثانية 1424هـ.
  4. سنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة عوض، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة: الثانية، 1395هـ- 1975م.
  5. مسند الإمام أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط و عادل مرشد، وآخرون، تحت إشراف: عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى1421هـ، 2001م.
  6. مشكاة المصابيح، محمد ناصر الدين الألباني، نشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الثالثة 1985م.