«عن أبي عمرو - وقيل أبي عمرة - سفيان ابن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسال عنه أحداً غيرك، قال قل آمنت بالله، ثم استقم»
[صحيح]
-
[رواه مسلم]
سأل سفيان الثَّقفي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك. يعني: قولًا واضِحًا في نفسه لا يحتاج إلى استِفْهام، ولا استِيضاح، ولا تفسير مِن غيرك، قولًا مختصرًا جامعًا لخيري الدُّنيا والآخرة، مُوصِلًا صاحبه للفلاح والنَّجاح، أحفظه وأُطَبِّقه، وهذا يدل على حرص الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على الخير وعلى التفقُه في الدين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل آمنت بالله، ثم استَقِم) ممتثِلًا أمره، ومجتنِبًا نهيَه، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف: 13]، وقوله: قل آمنت بالله، ليس المراد بذلك مجرَّد القول باللِّسان؛ بل المراد: انطِق بإيمانك، واعتَقِد بقلبك، واعمَل بجوارِحك؛ إذ الإيمان: اعتقاد بالقلب، وإقرار باللِّسان، وعمل بالجوارح والأركان، فهو مُركَّب مِن هذه الأمور الثَّلاثة، والإيمان هنا جاء مُطلقًا، فيدخل فيه الأمور الباطنة والأمور الظاهرة، ومعنى ذلك: أن الإنسان يؤمن بالله عز وجل، وبما جاء في كتابه وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُصَدِّق بذلك ويُؤمِن به، ثم بعد ذلك يستقيم على ملازمة الحق والهدى الذي هو الإيمان بالله عز وجل الذي يكون جامعًا بين الأمور الباطنة والأمور الظاهرة، والاستقامة وسط بين طرفين، فهي الاعتدال بلا اعوجاج، واستقم يعني استمر على هذا الدين القويم، وعلى هذا الاعتقاد المستقيم، فلا تَحِد عنه يمنةً ولا يسرةً حتى بلوغ الأجل.