عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

قال النبي صلى الله عليه وسلم مبيّنًا فضل الوقوف في الصف الأول والتبكير إلى الصلاة وشهود صلاتي العشاء والصبح: لو علِم الناس فضيلة الأذان، وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقًا للفوز به؛ لضيق الوقت، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله، ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة لتنافسوا عليه واقترعوا أيضًا، فلو جاؤوا إليه دَفعةً واحدةً، وضاق عليهم الصف، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه، ولو علموا ما في التبكير إلى الصلاة من خير وبركة لتسابقوا إلى التبكير، والمراد أن يسبق غيره في الحضور إلى الصلاة؛ لأن المسابقة على الأقدام حسًّا تقتضي السرعة في المشي، وهو ممنوع منه، ولو علموا ما في ثواب أداء صلاة العشاء وصلاة الصبح جماعةً لجاؤوا إلى الصلاتين ولو كانوا حابِينَ يزحفون إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

مافي النداء والصف الأول:
المقصود التبكير والوقوف في الصف الأول.
لاستهموا:
لاقترعوا.
التهجير:
التبكير إلى كل شيء والمبادرة إليه، أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة.
العتمة:
عتمة الليل هي ظلمته، والمراد صلاة العشاء.
حبوًا:
الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه أو دبره.

من فوائد الحديث

  1. بيان فضيلة الأذان.
  2. بيان فضيلة الصف الأول، والقرب من الإمام؛ لاستماع القرآن إذا جهر، والتأمين عند فراغه من الفاتحة، والتكبير عقب تكبيره.
  3. جواز تسمية العشاء عتمة، وقد ورد النهي عن تسميتها بها، والجمع بينهما بوجهين إما أن النهي للتنزيه، لا للتحريم، أو أن النهي عن المداومة والإكثار حتى يُهجر الاسم الشرعي.
  4. بيان فضيلة التبكير إلى الصلاة في أول وقتها المستحب.
  5. الحث على حضور صلاتي العشاء والصبح في المساجد، وبيان ما في ذلك من الفضل الكثير؛ وذلك لما فيهما من المشقة على النفس بتنقيص أول النوم وآخره، ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين، وليس تخصيصهما لنفي الفضل أو الوجوب عن سائر الصلوات.
  6. مشروعية الاقتراع في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها.
  7. الصف الثاني أفضل من الثالث، والثالث أفضل من الرابع، وهلم جرًا.
المراجع
  1. صحيح البخاري (1/ 126) (615)، صحيح مسلم (1/ 325) (437)، النهاية في غريب الحديث والأثر (1000) (185)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (10/ 267).