عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».
[صحيح]
-
[رواه أبو داود وأحمد]
قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقُرب أن تجتمع عليكم أمم الكفر ويدعو بعضهم بعضًا إلى قتالكم كما يدعو الآكلون بعضهم بعضًا إلى الأكل من الإناء الموضوع لأكل ما فيه، فقال قائل: وهل نحن قليلون وقتها؟ قال: بل أنتم وقتها كثيرون، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، وهو ما يحمله السيل ويبقى فوقه من الزبد والوسخ، فشبه صلى الله عليه وسلم أراذل الناس الذين يكونون في ذلك الزمان بغثاء السيل الذي يحمله إذا جرى مما لا ينتفع به كما لا ينتفع بأراذل ذلك الزمان، والله ليخرجن الله من صدور عدوكم الخوف والإجلال والتعظيم الذي كان في قلوبهم منكم، وليضع الله في قلوبكم الضعف والفشل والجبن عن قتال الكفار، فقال قائل: يا رسول الله، وما سبب هذا الوهن الذي يحصل للمسلمين؟ قال: سببه حب الدنيا وكراهة الموت؛ لأن من أحب الدنيا وركن إلى شهواتها كره مفارقة ذلك، وكان ذلك سبب كرهه الموت، فإنه قاطع للذاته مفرق بينه وبين أحبابه، فجبن بذلك عن القتال المؤدي إلى إزهاق روحه، ومتى قلل من الدنيا واستعمل فيها الخشونة هان عليه الموت، فأحب لقاء الله تعالى.