عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْتَ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

يحث النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على أن يعملوا، وأن يتقوا الله ما استطاعوا، دون غلو ولا تقصير، وأن يقصدوا بعملهم الصواب بالإخلاص لله واتباع السنة ليقبل عملهم فتكون سببًا لنزول الرحمة عليهم.
ثم أخبرهم بأنه لن ينجي أحد منكم عمله فقط؛ بل لا بد من رحمة الله.
قالوا: حتى أنت يا رسول الله لا ينجيك عملك مع عظم قدره؟
فقال: حتى أنا، إلا أن يسترني الله بفضل رحمته.

الترجمة: الإنجليزية الفرنسية الإسبانية التركية الأوردية الإندونيسية البوسنية الروسية البنغالية الصينية الفارسية تجالوج الهندية الفيتنامية السنهالية الكردية البرتغالية السواحيلية
عرض الترجمات

معاني الكلمات

من فوائد الحديث

  1. قال النووي: (سدِّدوا وقاربوا): اطلبوا السدادَ، واعملوا به، وإن عجَزتم عنه، فقاربوه؛ أي: اقربوا منه، والسداد: الصوابُ، وهو بين الإفراط والتفريط، فلا تَغلوا ولا تُقصِّروا.
  2. قال ابن باز: الأعمال الصالحة هي أسباب دخول الجنة، كما أن الأعمال الخبيثة هي أسباب دخول النار، والحديث يبين أن دخولهم الجنة ليس بمجرد العمل، بل لا بد من عفو الله ورحمته سبحانه وتعالى، فهم دخلوها بأسباب أعمالهم، ولكن الذي أوجب ذلك رحمته سبحانه، وعفوه ومغفرته.
  3. أن العبد لا يغتر ويعجب بعمله مهما بلغ؛ لأن حق الله أعظم من عمله، فلا بد للعبد من الخوف والرجاء جميعًا.
  4. فضل الله ورحمته على عباده أوسع من أعمالهم.
  5. الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة، والفوز بها إنما هو بفضل الله ورحمة منه.
  6. قال الكرماني: "إذا كان كلُّ الناس لا يدخلون الجنة إلا برحمة الله، فوجْه تخصيص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذِّكر، هو أنه إذا كان مقطوعًا له بأنه يدخل الجنة، ولا يدخلها إلا برحمة الله؛ فغيرُه يكون في ذلك بطريق الأَولى.
  7. قال النووي: في معنى قوله - تعالى -: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]، ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزخرف: 72]، ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يُدخَل بها الجنة، فلا يُعارِض هذه الأحاديثَ، بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال، ثم التوفيق للأعمال، والهداية للإخلاص فيها، وقَبُولها - برحمة الله تعالى وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرَّد العمل، وهو مراد الأحاديث، ويصح أنه دخل بالأعمال؛ أي: بسببها، وهي من الرحمة.
  8. قال ابن الجوزي: يتحصل عن ذلك أربعة أجوبة؛ الأول: أن التوفيق للعمل من رحمة الله، ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الإيمان ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة. الثاني: أن منافع العبد لسيده فعمله مستحق لمولاه، فمهما أنعم عليه من الجزاء فهو من فضله. الثالث: جاء في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة برحمة الله، واقتسام الدرجات بالأعمال. الرابع: أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، والثواب لا ينفد فالإنعام الذي لا ينفد في جزاء ما ينفد بالفضل لا بمقابلة الأعمال.
  9. قال الرافعي: أن العامل لا ينبغي أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات؛ لأنه إنما عمل بتوفيق الله وإنما ترك المعصية بعصمة الله فكل ذلك بفضله ورحمته.
المراجع
  1. صحيح البخاري (7/ 121) (5673).
  2. صحيح مسلم (4/ 2170) (2816).
  3. بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، لسليم الهلالي (1/ 165).
  4. كنوز رياض الصالحين، لمجموعة من الباحثين (2/ 321).
  5. شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (1/ 573).
  6. نزهة المتقين شرح رياض الصالحين، لمجموعة من الباحثين (1/ 130).
المزيد