عن أبي رِمْثَةَ رضي الله عنه قال: انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لأبي: «ابنك هذا؟» قال: إِي ورَبِّ الكعبة، قال: «حقا؟» قال: أشهد به، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا من ثَبْتِ شَبَهِي في أبي، ومِنْ حَلِفِ أَبِي عَلَيَّ، ثم قال: «أما إنه لا يَجْني عليك، ولا تَجْني عليه»، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} [الأنعام: 164].
[صحيح] - [رواه أبو داود والنسائي وأحمد والدارمي]

الشرح

يخبر أبو رِمْثَةَ رضي الله عنه أنه ذهب مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأب إن كان أبو رِمْثَةَ ابنه؟، فأكد الأب ذلك وحلف عليه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا التصرف، وأخبره بأنه لا يطالب أحد بجناية غيره، قريبًا كان أو بعيدًا، حتى الأب مع ابنه، والابن مع أبيه، فالجاني يُطلب وحده بِجِنايته، ولا يطلب بجنايته غيره، قال الله تعالى : {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، وكانت المطالبة بجناية القريب عادةً جاهليةً، فأبطلها الإسلام، ولا يقال هنا: قد أمر الشارع بتحمل العاقلة الدية في جناية الخطأ والقسامة؛ لأن ذلك ليس من تحمل الجناية بل من باب التعاضد والتناصر فيما بين المسلمين، ولأن الأقارب يرثون الجاني لو مات؛ فيتحملون الدية عنه لو أخطأ.

الترجمة: الإنجليزية الفرنسية الروسية البوسنية الهندية الصينية الفارسية
عرض الترجمات

معاني الكلمات

أشهد به:
بصيغة المتكلم، وهو إقرار أنه ابنه, بمعنى أقر بأنه ابني, وروي بهمزة وصل وفتح الهاء أي: كن شاهدًا بأنه ابني من صلبي.
لا يجني عليك، ولا تجني عليه:
الجِناية: الذنب، أو ما يفعله الإنسان مما يوجب العقاب، أو القصاص، ومعناه: أنَّ الإنسان لا يطالب بجناية غيره.
ولا تزر وازرة وزر أخرى:
لا يحمل من خطيئة أحد على أحد.

من فوائد الحديث

  1. لا يطالب أحد بجناية غيره، قريبًا كان أو بعيدًا، حتى الأب مع ابنه.
  2. عدل الإسلام، وعظم حكمته في أن كل أحد يتحمل ذنبه.
  3. حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على معرفة أحوال أصحابه لسؤاله: من هذا؟
  4. من استلحق ابنًا له فهو يلحقه ولايحلف البينة به بشرط أن لا ينازع فيه, وإمكان كونه منه.
  5. صحة إطلاق الشهادة على الإقرار.
المراجع
  1. سنن أبي داود، المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت.
  2. السنن الصغرى، للنسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، الطبعة: الثانية، 1406 – 1986.
  3. مسند الإمام أحمد بن حنبل، المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
  4. سنن الدارمي، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني-الناشر: دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية-الطبعة: الأولى، 1412 هـ - 2000 م.
  5. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل- محمد ناصر الدين الألباني، إشراف: زهير الشاويش،الناشر: المكتب الإسلامي – بيروت،الطبعة: الثانية 1405 هـ - 1985م.
  6. فتح ذي الجلال والإكرام شرح بلوغ المرام، محمد بن صالح بن محمد العثيمين، تحقيق: صبحي بن محمد رمضان، وأُم إسراء بنت عرفة، المكتبة الإسلامية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1427هـ.
  7. توضيح الأحكام من بلوغ المرام، عبد الله بن عبد الرحمن البسام، مكتبة الأسدي، مكة، الطبعة الخامسة، 1423.
  8. تفسير القرآن العظيم، إسماعيل بن عمر بن كثير، المحقق: سامي بن محمد السلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م.
  9. بلوغ المرام من أدلة الأحكام، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق وتخريج وتعليق: سمير بن أمين الزهيري-الناشر: دار الفلق – الرياض-الطبعة: السابعة، 1424 هـ.
  10. سبل السلام، محمد بن إسماعيل الصنعاني، الناشر: دار الحديث.