قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا».
وَقَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ» فَقَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ»
[صحيح]
-
[متفق عليه]
خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فقال: لا هجرة من مكة بعد اليوم؛ لأنها صارت بلاد إسلام، ولكن لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بجهاد الكفار، وطلب العلم، والفرار من الفتن باقية مدى الدهر، ونية الخير في كل شيء، وإذا طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد فاخرجوا. ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا البلد؛ مكة حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة. وأنه لم يحل القتال في البلد الحرام لأحد قبله، وإنما خصه الله عز وجل بذلك، ولم يحل له إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيام. ثم ذكر حرمة مكة وأنه لا يقطع شوك الحرم، ولا يزعج صيده أو ينحى من موضعه. ولا تحل لقطته -وهي ما يجده الإنسان من مال ضائع في الطريق لا يعرف له صاحب- لمن يريد أن يعرفها سنة ثم يتملكها كما في باقي البلاد، بل لا يلتقطها إلا لمن يعرفها أبدا، ولا يتملكها أبداً. ولا يقطع العشب الرطب ولا الحشيش اليابس، . فأراد العباس رضي الله عنه أن يرخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في نبات الإذخر، وهو: نبت قضبانه دقيقة وله رائحة طيبة؛ فاستثني من ذلك شجرة الإذخر لمصلحة أهل مكة، وذلك أن الحدادين يستعملونه في إيقاد النار لأعمالهم، وبناء أسقف البيوت، وسد فرج اللحد المتخللة بين اللبنات في دفن الموتى.