عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام» قال: قلت: ثم أي؟ قال «المسجد الأقصى» قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعدُ فَصَلِّه، فإن الفضل فيه».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

قال أبو ذر رضي الله عنه: يا رسول الله، ما أول مسجد وضع في الأرض للصلاة فيه؟ قال عليه الصلاة والسلام: المسجد الحرام، وقال تعالى: {إن أول بيت وضع لناس للذي ببكة مباركًا وهدىً للعالمين} [آل عمران 96] قال أبو ذر: ثم أي مسجدٍ بعده؟ قال: المسجد الأقصى، وهو مسجد بيت المقدس؛ سمي بذلك لبعد المسافة بينه وبين الكعبة أو لبعده عن الأقذار والخبائث، فإنه مقدس مطهر، وقيل: لأنه لم يكن وراءه موضع عبادة، قال أبو ذر: قلت: كم كانت المدة بين وضع المسجدين؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد دخول وقت الصلاة فصلِّ، فإن الفضل في فعل الصلاة إذا حضر وقتها وفي أي مكان.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

وضع:
بُني.
كم كان بينهما:
كم كانت المدة بين بناء ووضع المسجدين.

من فوائد الحديث

  1. بيان أن أول مسجد بني للعبادة في الأرض وهو المسجد الحرام، ثم بني بعده المسجد الأقصى، وهو أفضل المساجد على الإطلاق ثم يليه الأقصى.
  2. بيان المدة التي بين بناء المسجدين، وهو أربعون عامًا.
  3. بيان جواز الصلاة في جميع المواضع إلا ما استثناه الشرع، من الصلاة في المقابر، والمواضع التي فيها النجاسة، كالمزبلة والمجزرة، وكذا ما نهي عنه لمعنى آخر، فمن ذلك أعطان الإبل وقارعة الطريق والحمام؛ لحديث ورد فيها.
  4. الإشارة إلى المحافظة على الصلاة في أول وقتها، ويتضمن ذلك الندب إلى معرفة الأوقات.
  5. فيه إشارة أيضًا إلى أن مراعاة المكان الأفضل للعبادة إذا لم يتيسر لا يترك المأمور به لفواته، بل يفعل المأمور في المفضول؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بين لأبي ذر رضي الله عنه أول مسجد وضع وبين أن ذلك لا يقتضي تخصيص صلاته فيه، ونبهه إلى أن إيقاع الصلاة إذا حضرت لا يتوقف على المكان الأفضل.
  6. بيان فضيلة الأمة المحمدية؛ لما ذكر أن الأمم السابقة كانوا لا يصلون إلا في مكان مخصوص.
  7. حسن الزيادة على السؤال في الجواب، لا سيما إذا كان للسائل في ذلك مزيد فائدة.
  8. فضيلة الكعبة الشريفة والمسجد الحرام، حيث كانت أول بيت وضع لعبادة الله تعالى، وقد خصها الله بخصائص كثيرة أخرى.
المراجع
  1. صحيح البخاري (4/ 145) (3366)، صحيح مسلم (1/ 370) (520)، فتح الباري لابن حجر (6/ 408)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (12/ 12).
المزيد