عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُهلِكُ الناسَ هذا الحيُّ من قريشٍ» قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «لو أن الناس اعتَزَلُوهم».
[صحيح]
-
[متفق عليه]
أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة من قبائل قريش وهو يريد بعضهم، وأخبر أن هلاك وموت الناس ممن كان موجودًا منهم في وقت ولايتهم سيكون بسببهم، وكان الهلاك الحاصل من هؤلاء للناس في ذلك العصر إنما سببه أن هؤلاء القبيلة تولَّى بعضهم الحكم ولم يجربوا الأمور؛ لصغر أسنانهم، ولا لهم محافظة على أمور الدين، وإنما تصرفهم على مقتضى غلبة الأهواء، وحدة الشباب. فسأله من معه من الصحابة: فماذا تأمرنا أن نفعل إن أدركنا زمنهم؟ فأمرهم أن يعتزلوهم، والمراد باعتزالهم ألا يداخلوهم ولا يقاتلوا معهم ويفروا بدينهم من الفتن، ويؤخذ من هذا الحديث استحباب هجران البلدة التي يقع فيها إظهار المعصية، فإنها سبب وقوع الفتن التي ينشأ عنها عموم الهلاك. وهؤلاء كان أبو هريرة رضي الله عنه يعرف أسماءهم وأعيانهم، لكنه سكت عن تعيينهم مخافة ما يحدث بذلك من المفاسد، وكأنهم والله أعلم يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد، ومن تنزل منزلتهم من أحداث ملوك بني أمية، فقد صدر عنهم قتلٌ لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتلٌ لخيار المهاجرين والأنصار بالمدينة وبمكة وغيرهما، وغير خافٍ ما صدر بعد ذلك من الحجاج بن يوسف الثقفي وسليمان بن عبد الملك الأموي، وولده من سفك الدماء وإتلاف الأموال وإهلاك خيار الناس بالحجاز والعراق، وغير ذلك.