عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".
[صحيح]
-
[متفق عليه]
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله جل ثناؤه ينزل نزولًا يليق بجلاله، فهو نزول حقيقي على الكيفية التي يعلمها سبحانه وتعالى، ولا نعلمها نحن، ولكننا نعلم أنه حقٌّ، وأنه ليس كنزول المخلوقين، فلا نكيف، ولا نعطل، ولا نحرف، ولا نؤَوِّل، بل نؤمن بذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم به في هذا الحديث الصحيح، ولم يرد ما ينافيه في النصوص، بان الله تعالى لا ينزل، وإنما نفاه بعض الناس لأنهم لا يتصورون إلا نزول المخلوق، ولوازم نزول المخلوق، فيقال لهم: وأنتم لا تعقلون موجودًا إلا المخلوق، ولا يعني ذلك عدم الخالق، بل هو موجودًا وجودًا لا يشبه وجود المخلوقين، فكذلك أفعاله وصفاته. والنزول الإلهي يكون في كل ليلة إلى السماء القريبة من الأرض، وهذا الوقت هو عندما يتبقى ثلث الليل الآخر، فيقول عز وجل: من يدعوني فأستجيب له دعاءه؟ من يسألني مسألة فأعطيها له؟ من يستغفرني فأغفر له ذنوبه؟ ولا يمكن أن يقول ذلك مَلَكٌ أو رحمةٌ أو شيءٌ غير الله تعالى. فإن قيل: لا توجد لحظة إلا وهي من ثلث الليل الآخر في بقعة من بقاع الأرض، فيلزم من هذا استمرار النزول الإلهي في كل وقت. فالجواب أن هذا الإيراد سببه عدم استقرار مذهب أهل السنة والجماعة في القلب، وذلك أننا نقول: (ينزل نزولًا يليق بجلاله، لا يشبه نزول المخلوقين)، فهذا اللازم الذي أورده صحيحٌ لو كان النازل مخلوقًا مثلي ومثلك، أما نزول الله تعالى فإن كنت لا تعرف كيفيته كيف لزم منه هذا المذكور، مع استشعار عظمة الله تعالى، وأن هذا الكون ليس بشيء بالنسبة إلى العرش، وهو مخلوق عظيم من خلقه سبحانه، فكيف به عز وجل. ومذهب السلف الصالح في كل أبواب الدين هو المذهب المنسجم مع العقل؛ لأنه مبني على النص، ولا يقدم عليه عقل أحد من البشر؛ لأن العقول قاصرة ومتفاوتة، وخالقها أعلم بما يصلحها ويصلح لها.