عن حذيفة قال: جاء العاقب والسَّيِّد، صاحبا نجران، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيًّا فلاعَنَّا لا نفلح نحن، ولا عَقِبُنا مِن بعدنا، قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا. فقال «لأبعثنَّ معكم رجلًا أمينًا حقَّ أمينٍ»، فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قم يا أبا عبيدة بن الجراح» فلما قام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أمين هذه الأُمَّة».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

جاء العاقب واسمه عبد المسيح، والسيد واسمه الأيهم أو شرحبيل، ولقبهما العاقب والسيد، وهما من أكابر نصارى نجران وحكَّامهم، وكان السيد رئيسهم والعاقب صاحب مشورتهم، فقدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يباهلاه، والمباهلة أن يجتمع شخصان أو طائفتان مختلفتان، فيقول كل واحد لصاحبه: لعنة الله على الظالم منا، أو الكاذب، ونحو ذلك، فقال العاقب للسيد أو السيد للعاقب: لا تباهله، فوالله لئن كان نبيًّا فباهَلَنَا لا نفلح نحن، ولا ذرياتنا من بعدنا؛ لحلول لعنة الله علينا، وبعد أن انصرفا ولم يسلما ورجعا، قالا: إنا لا نباهلك فاحكم علينا بما أحببت ونصالحك، فصالحهم على ألف حلة في رجب وألف حلة في صفر ومع كل حلة أوقية، فقالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وأرسل معنا رجلًا أمينًا، ولا ترسل معنا إلا أمينًا، ليقبض المطلوب منا ويوصله لكم، وهذه مهمة تستدعي الأمانة، فقال عليه الصلاة والسلام: سأرسل معكم رجلًا أمينًا بحق، فتطلّع الصحابة، رجاء الحصول على هذا الشرف والشهادة النبوية، فنادى النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أمين هذه الأمة».

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

يلاعناه:
يباهلاه، وهي أن يدعوا كل واحد من المتلاعنين بالعذاب على الكاذب والمبطل منهما.
عقبنا:
ذريتنا.
حقّ أمين:
هذا تأكيد على أمانته.
فاستشرف له:
تطلعوا إليه.

من فوائد الحديث

  1. بيان فضل أبي عبيدة بن الجراح، وأنه أمين هذه الأمة.
  2. جواز المباهلة والملاعنة في الأمور العظيمة.
  3. ذُكرت المباهلة في القرآن الكريم، وهذه القصة كانت سبب نزولها، وعرض ابن مسعود المباهلة لمن شاء في بعض المسائل، وباهل كبار العلماء من هذه الأمة، كابن تيمية وابن حجر، وكان مِن آخِر ذلك مباهلة الشيخ ثناء الله أَمْرَتْسَرِّي لغلام ميرزا مؤسس القاديانية، فدعيا أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق، فمات القادياني بعد أشهر، وعاش الشيخ بعدها أربعين سنة.
المراجع
  1. صحيح البخاري (5/ 171) (4380)، صحيح مسلم (4/ 1881) (2419)، النهاية في غريب الحديث والأثر (475)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (18/ 28)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (6/ 437).