عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مَثَلي ومَثَل ما بعثني الله به كمَثَل رجلٍ أتى قومًا فقال: يا قوم، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العُريان، فالنَّجاءَ، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا، فانطلقوا على مَهَلِهم فنَجَوا، وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبَّحهم الجيشُ فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق".
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلًا فقال: إن مَثَلي ومَثَل ما أرسلني الله به إليكم كمثل رجل جاء إلى قوم فقال لهم: يا قوم، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العُريان، أي المجرد عن الثياب، وهو مثل سائر يُضرَب لشدة الأمر ودنو المحذور وبراءة المحذِّر عن التهمة، وأصله أن الرجل إذا رأى العدو قد أراد الهجوم على قومه خلع ثوبه وصاح ليأخذوا حذرهم ويستعدوا قبل لحوقهم، وأن هذا الصائح يقول: أسرِعوا قبل أن يأتي العدو، فأطاعه جماعةٌ من قومه وساروا أول الليل، فساروا بسكينة وتأنّي فنَجَوا من العدو، وكذبته جماعةٌ منهم، فلم يسيروا وجلسوا أماكنهم، فأتاهم الجيش صباحًا فأهلكهم واستأصلهم، فشبه ذاته صلى الله عليه وسلم بالرجل المحذِّر المنذر، وشبه ما بعثه الله به من الإنذار بعذاب الله القريب بإنذار الرجل قومه بالجيش المصبح، وشبه من أطاعه من أمته ومن عصاه بمن كذب الرجل في إنذاره فهلك، ومن صدقه فنجا.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

العُريان:
المجرد من الثياب.
أدلجوا:
ساروا أول الليل.
على مهلهم:
ساروا بسكينة وتأني.
أصبحوا مكانهم:
جلسوا مكانهم ولم يتحركوا.
صبحهم:
هجم عليهم في الصباح.
اجتاحهم:
استأصلهم.

من فوائد الحديث

  1. استعمال المثل لتقريب المعاني للأذهان.
  2. في طاعة النبي صلى الله عليه وسلم الفلاح والنجاة، وفي معصيته الخسران والهلاك.
  3. في قول الرجل أنواع من التأكيد أحدها قوله بعيني؛ لأن الرؤية أوثق من الخبر، وثانيها إني، فهي حرف توكيد، وثالثها العريان فإنه يدل على بلوغ النهاية في قرب العدو.
المراجع
  1. صحيح البخاري (9/ 93) (7283)، صحيح مسلم (4/ 1788) (2283)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 305).