عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيَّهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلِكُنَّ، فنزلت: {أُذِنَ للذين يقاتَلون بأنهم ظُلِمُوا وإن الله على نصرهم لقدير} [الحج: 39] فعرفت أنه سيكون قتال، قال ابن عباس: فهي أول آية نزلت في القتال.
[صحيح] - [رواه الترمذي والنسائي وأحمد]

الشرح

روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما أخرج المشركون من أهل مكة النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فهاجر إلى المدينة قال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه تأسفًا على ما فعلوا: أخرجوا نبيَّهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكنهم الله تعالى، فنزلت: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} أي أُذن للذين يقاتلهم المشركون بأنهم ظلمهم المشركون بإخراجهم من بلدهم، والله قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال، ولكن هو يريد من عباده أن يبذلوا جهدهم في طاعته، قال أبو بكر: فعلمت أنه سيكون قتال بين المسلمين والمشركين، قال ابن عباس: هذه أول آية نزلت في القتال. وإنما شرع الله تعالى الجهاد في الوقت الأليق به؛ لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددًا والمسلمون أقل شوكة، فلو أُمِر المسلمون وهم أقل من العُشْر بقتال الباقين لشق عليهم، فلما بغى المشركون، وأخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم وهموا بقتله، وشردوا أصحابه ذهب منهم طائفة إلى الحبشة، وآخرون إلى المدينة، فلما استقروا بالمدينة وافاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعوا عليه وقاموا بنصره، وأصبح لهم دارُ إسلام، فشرع الله جهاد الأعداء، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك. وفيه بيان المرحلة الأولى من مراحل تشريع الجهاد، وهو الإذن، والثاني الأمر بقتال من يقاتلهم، وهو جهاد الدفع، قال تعالى: {وقتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا} الآية، ونحوها، والثالثة الأمر بقتال الكفار مطلقًا، وهو جهاد الطلب، مع بقاء جهاد الدفع، قال تعالى: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

فعرفت أنه سيكون قتال:
القائل أبو بكر رضي الله عنه.

من فوائد الحديث

  1. بيان المرحلة الأولى من مراحل تشريع الجهاد، وهو الإذن بالقتال.
  2. ما لحق النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين بسبب دعوته إلى الله عز وجل.
  3. ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر، وتحمل الأذى في سبيل الله عز وجل، فينبغي الاقتداء به في ذلك.
  4. قوة صدق أبي بكر رضي الله عنه أن الله تعالى سينتقم ممن آذى نبيه صلى الله عليه وسلم، فكان كما توقع فأهلكوا جميعًا، إلا من رحمه الله تعالى فدخل في الإسلام.
  5. وعد الله تعالى بنصره عباده المؤمنين، فأنجز لهم ما وعدهم.
  6. هذه الآية هي أول آية نزلت في مشروعية القتال.
  7. قول إنا لله وإنا إليه راجعون في كل المصائب.
المراجع
  1. سنن النسائي (6/ 2) (3085)، سنن الترمذي (5/ 177) (3171)، مسند أحمد (3/ 358) (1865)، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (26/ 80).