عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سَرِيَّةٍ فكان يَقْرَأ لأصحابه في صلاتهم، فَيَخْتِمُ بـ«قل هو الله أحد» فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سَلُوهُ لأَيِّ شيء صَنَع ذلك؟ فسألُوه، فقال: لِأنَّها صِفَةُ الرحمن عز وجل ، فأنا أُحِب أَنْ أَقْرَأ بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَخْبِرُوه: أنَّ الله تعالى يُحِبُّه».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

أمَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه على سَرِيَّة؛ لتدبيرهم والحكم بينهم، وحتى لا تكون الأمور فوضى، ويختار أقومهم دينًا وعلمًا وتدبيرًا، ولذا كان الأمراء هم الأئمة في الصلاة والمفتون؛ لفضل علمهم ودينهم، فكان يقرأ "قل هو الله أحد" في الركعة الثانية من كل صلاة؛ لمحبته لله وأسمائه وصفاته، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره. فلمَّا رجعوا من غزوتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكروا له ذلك، فقال: سلُوه لأيِّ شيء يصنع ذلك، أهو لمحض المصادفة أم لشيء من الدواعي؟ فقال الأمير: صنعت ذلك لاشتمالها على صفة الرحمن عز وجل ، فأنا أحب تكريرها لذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبروه، أنه كما كرر هذه السورة لمحبته لها؛ وهذا لما تضمنته من صفات الله العظيمة التي دلت عليها أسماؤه المذكورة فيها: فإن الله يحبه.

الترجمة: الإنجليزية الأوردية الإسبانية الإندونيسية الأيغورية البنغالية الفرنسية التركية الروسية البوسنية الهندية الصينية الفارسية تجالوج الكردية الهوسا البرتغالية
عرض الترجمات

معاني الكلمات

بعث رجلًا:
أرسله أميرًا.
سرية:
من السرى أي المشي بالليل، وهي القطعة من الجيش يرسلها القائد، أقلها خمسة رجال وأكثرها أربعمائة؛ سُميت بذلك لأنَّ غالب سيرهم يكون بالليل؛ للإرفاق بهم أو بقصد التخفي لقلتهم؛ إلا أنَّ أهل المغازي يجعلون وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- هو المُميِّز للسرية عن الغزوة.
فيختم بـ«قل هو الله أحد»:
ينهي القراءة بقراءة سورة (قل هو الله أحد)، إما في قراءة كل ركعة، وإما في قراءة الركعة الأخيرة.
يصنع ذلك:
ينهي بقراءة سورة (قل هو الله أحد).
لأنها:
أي السورة.
صفة الرحمن:
تحتوي على صفة الرحمن -سبحانه وتعالى- بما فيها من الأسماء الدالة على الصفات، وليس فيها ذكر لغير صفات الله -عز وجل-.
يحبه:
المحبة في اللغة الوداد, ومحبة الله للعبد صفة من صفاته تحمل على ما تقتضيه في اللغة من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تأويل ولا تعطيل.

من فوائد الحديث

  1. جواز قراءة قصار المُفصَّل، حتى في غير صلاة المغرب من الفرائض.
  2. فضل سورة الإخلاص واستحباب قراءتها.
  3. أن تفضيل بعض القرآن على بعض عائد لما يحتوى عليه المفضَّل من تمجيد الله والثناء عليه، فهذه السورة الكريمة الجليلة تشمل توحيد الاعتقاد والمعرفة وما يجب إثباته للرب من الأحدية المنافية للشريك والصمدية المثبتة لله -تعالى- جميع صفات الكمال ونفي الوالد والولد، الذي هو من لوازم غناه ونفى الكفء المتضمن نفي المماثل ولذا فهي تعدل ثلث القرآن.
  4. أن الأعمال يكتب ثوابها بسبب ما يصاحبها من نية صالحة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالسؤال عن القصد من تكريرها.
  5. أنه ينبغي أن يكون أصحاب الوِلايات والقيادات من أهل العلم والفضل والدين.
  6. أنه من أحب صفات الله وَتَذوَّق حلاوة مناجاته بها فالله يُحبه؛ لأن الجزاء من جنس العمل.
  7. أن إخبار الوالي الأكبر عن أعمال الأمراء والعمال لقصد الإصلاح لا يُعَدُّ وشاية ولا نميمة.
  8. مشروعية بعث السَّرَايا لقتال الكفار والتأمير عليهم.
  9. أن أميرهم أحق بإمامتهم في الصلاة لكونه صاحب السُلْطان عليهم.
  10. مشروعية التثبت في الأمور قبل الحكم عليها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَلُوهُ لأَيِّ شيء صنع ذلك؟).
  11. إثبات صفة المحبة لله -تعالى-.
  12. جواز القراءة في الركعة الواحدة بسورتين فأكثر.
  13. جواز تخصيص بعض القرآن بالاستكثار منه.
المراجع
  1. تيسير العلام للبسام الناشر: مكتبة الصحابة، الإمارات - مكتبة التابعين، القاهرة الطبعة- العاشرة، 1426 هـ - 2006 م.
  2. تنبيه الأفهام للعثيمين، طبعة مكتبة الصحابة - الإمارات - مكتبة التابعين- القاهرة- الطبعة الأولى 1426.
  3. الإلمام بشرح عمدة الأحكام لإسماعيل الأنصاري -طبعة دار الفكر- دمشق -الأولى 1381.
  4. صحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيلالجعفي البخاري - تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر -الناشر : دار طوق النجاة - الطبعة الأولى 1422هـ.
  5. صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي - الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  6. تأسيس الأحكام، أحمد بن يحيى النجمي- دار المنهاج- القاهرة- مصر -الطبعة الأولى.