«عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ: بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، قِيلَ: انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الأُفُقَ، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ» ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ، فَأَفَاضَ القَوْمُ، وَقَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ، أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ، فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ قَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ».
[صحيح]
-
[متفق عليه]
قال التابعيُّ حصين بن عبد الرحمن: كنتُ عند ابن جُبير، فقال: أيكم رأى النجم الذي سقط الليلة الماضية؟
قال حصين: أنا؛ ثم لمّا كان عادة المستيقظ في هذا الوقت أنه يصلي؛ أراد أن يدفع عن نفسه الرياء، فأخبر عن سبب استيقاظه، فقال: أما إني لم أكن في صلاة، ولكن لَدَغَتْنِي عقرب.
قال ابن جبير: فماذا صنعت؟
قال حصين: طَلبتُ مَن يَرْقِيني بالقرآن وأدعية السنة.
قال ابن جبير: فما جَعلك تَفعل ذلك؟
قال حصين: حديثٌ حَدَّثَناه الشعبي.
فقال ابن جبير: وما حدثكم الشعبي؟
قال حصين: حدثنا عن بريدة بن حصيب الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا رُقية أَشفى وأَولى من رقية عينِ حاسدٍ، أو سمِّ عقرب.
فقال ابن جبير: قد أحسن مَن عمل بما سمع، ولكنْ حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عُرضت علي الأمم، فرأيت النبيَّ ومعه الجماعة دون العشرة، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم سدَّ الأفق من كثرته، فظننت أنهم أمتي.
فقيل لي: هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه، ولكن انظر إلى الأُفق ناحية السماء، فنظرت فإذا سواد عظيم.
فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أُمّتُك في جُملتِهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ثم قام فدخل بيته، فتكلم الناس وتناظروا في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله، وذكروا أشياء.
فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما الذي تتناظرون فيه؟ فأخبروه، فقال: بأنَّ صفاتهم:
أولًا: أنهم لا يطلبون من أحد أنْ يَرقيَهم لشدة تَعَلُّقهم بالله.
ثانيًا: لا يتشاءمون بالطَّيْر أو بمرئي أو مسموع.
ثالثًا: لا يطلبون الشفاء عن طريق الكَيِّ بالنار، بل على ربهم يتوكلون بترك هذه الأمور.
فقام عُكاشة بن محصن، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم؟ ثم قام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة.