عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ، وَلَعَلَّ اللهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ»، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ، وَلَا يَبِعْ»، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا.
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

خطب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال: يا أيها الناس، إن الله تعالى يُعرِّض بالخمر، من التعريض وهو خلاف التصريح، يشير إلى احتمال تحريمها دون أن يحرِّمها في ذلك الوقت، ولعل الله سينزل في الخمر آيةً بتحريمها، فمن كان عنده شيءٌ من الخمر فليبعه أو لينتفع به، وقد توقع عليه الصلاة والسلام ذلك من الآيات التي كانت تتدرج في تحريم الخمر وتذكُر أن فيها إثم كبير، وأن إثمها أكبر من نفعها، وأنه قد منع من الصلاة في حال السكر، فظهر له أن هذا مناسب للمنع منها، فتوقع ذلك، فلم يلبث الصحابة إلا قليلًا حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى حرم الخمر تحريمًا باتًّا مستقرًّا، فمن بلغته هذه الآية وهي قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} الآية [المائدة: 90]، وعنده شيء من الخمر فلا يحل له أن يشرب شيئًا منها، ولا أن يبيعها، فذهب الناس وتوجهوا بما كان عندهم من الخمر في طريق المدينة، فصبوها وأراقوها.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

يُعرِّض:
يُلمِّح.
فسفكوها:
فسكبوها وصبوها.

من فوائد الحديث

  1. تحريم بيع الخمر.
  2. بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نصحهم في تعجيل الانتفاع بها ما دامت حلالًا.
  3. الدلالة على تحريم تخليل الخمر، ووجوب المبادرة بإراقتها، وتحريم إمساكها، ولو جاز التخليل لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم لهم ونهاهم عن إضاعتها، كما نصحهم وحثهم على الانتفاع بها قبل تحريمها، حين توقع نزول تحريمها.
  4. تسليم الصحابة رضي الله عنهم وطاعتهم لله تعالى.
المراجع
  1. صحيح مسلم (3/ 1205) (1578)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (27/ 520).