عن أنس بن مالك قال: نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} [الحج: 1] على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له، فرفع بها صوتَه حتى ثاب إليه أصحابه، ثم قال: «أتدرون أيَّ يومٍ هذا؟ يوم يقول الله جل وعلا لآدم: يا آدم، قم، فابعث بعث النار من كل ألفٍ تسعَمائة وتسعةً وتسعين»، فكَبُرَ ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سددوا، وقاربوا، وأبشروا، فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير، أو كالرَّقْمَة في ذراع الدابة، وإن معكم لخَلِيْقَتَين ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه: يأجوج ومأجوج، ومن هلك من كفرة الجن والإنس».
[صحيح] - [رواه ابن حبان والحاكم]

الشرح

روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن نزول آية الحج كان على النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج في مسير له، ومعه أصحابه، فقرأها عليه الصلاة والسلام ورفع بها صوته حتى قدم إليه الصحابة، ثم قال: هل تعلمون أي يوم يكون هذا؟ يوم يقول الله جل وعلا لآدم: يا آدم، قم، فابعث بعث النار، أي من ذريتك، كما في روايات أخرى، ومن الجن أيضًا؛ لأنهم مكلفون، فيدخل الجن تبعًا كما دل عليه آخر الحديث، وهم من كل ألف نفس تسعَمائة وتسعةً وتسعين نفسًا، أي أن نفسًا واحدةً هي من تنجو من النار في كل مرة، فعظُم وشَق ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سددوا، وقاربوا، في العمل، وأبشروا وتفاءلوا بالخير، فوالذي نفسي بيده ما أنتم مقارنةً بالناس إلا مثل الشامة الصغيرة في جنب البعير، أو كالرَّقْمَة، وهي القطعة اليسيرة من الجلد لا شعر فيها، في ذراع الدابة، والمراد ضرب المثل في القلة، وإن معكم لخَلِيْقَتَين ما كانتا مع شيء قط إلا غلبته بالكثرة، فيؤخذ منهم تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ومنكم واحد للجنة، وهما يأجوج ومأجوج، ومن هلك من كفرة الجن والإنس.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

مسير:
سفر.
ثاب:
رجعوا إليه.
بعث النار:
الذين كُتب عليهم دخول النار من ذرية آدم عليه السلام.
فكَبُرَ:
شق عليهم وعظم.
سدّدوا:
اطلبوا السداد، وهو القصد المستقيم.
الشامة:
العلامة في الجسم ويكون لونها مخالفًا للون الجلد.
الرَّقمة:
الشيء المستدير الذي لا شعر فيه، وسميت بذلك؛ لأنها كالرقم.

من فوائد الحديث

  1. بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث للثقلين الإنس والجن.
  2. قلة هذه الأمة مقارنة بمن معها من الأمم كيأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الجن والإنس.
  3. إثبات اليد لله عز وجل بدون تشبيه ولا تعطيل.
  4. الأمر بالتسديد والمقاربة، فإن فعل فله الاستبشار بالخير.
  5. عِظم الموقف يوم القيامة.
  6. الدلالة على كثرة أهل النار وأن أكثر الناس لا يؤمنون.
  7. استعمال التشبيه لتقريب المعاني من هديه صلى الله عليه وسلم.
  8. جواز رفع الصوت بالقرآن لحاجة.
المراجع
  1. صحيح ابن حبان (16/ 352) (7354)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 610)، مسند أحمد ط الرسالة (33/ 136)، النهاية في غريب الحديث والأثر (ص 129، 372)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (30/ 46).