عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث، وهو متكئ على عسيب، إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. فقال: ما رابكم إليه؟ وقال بعضهم: لا يستقبلكم بشيء تكرهونه. فقالوا: سلوه. فسألوه عن الروح، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يَرُدَّ عليهم شيئًا، فعلمتُ أنه يوحى إليه، فقمتُ مقامي فلما نزل الوحي قال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا} [الإسراء: 85].
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في أرض مزروعة، وهو معتمد على جريد النخل، إذ مر اليهود، وفي رواية أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرعلى اليهود ومعه وابن مسعود، فقال بعضهم لبعض: اسألوه عن الروح، فقال بعضهم: ما حاجتكم إلى سؤاله؟ وقال بعضهم: لا يجيئكم بشيء تكرهونه، ثم قالوا: اسألوه، فسألوه عن الروح التي هي سبب الحياة وعن ماهيتها، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن الحديث فلم يَرُدَّ عليهم شيئًا، قال ابن مسعود: فعلمتُ أنه يوحى إليه، فلزمتُ مكاني، أدبًا معه صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يتشوش بقربي منه، فلما نزل الوحي قال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا} أي ويسألك الكفار بالله من أهل الكتاب عن الروح، ما هي؟ قل لهم: الروح من أمر ربى، وما أوتيتم أنتم وجميع الناس من العلم إلا قليلًا. فلا يلزم الخوض مع المبطل المخالف في النقاش على الوجه الذي يريده، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

حرث:
زرع.
متكئ:
مستند ومعتمد.
عسيب:
الجريد من النخل، مما لا ينبت عليه الخوص أو نُزع خوصه.
ما رابكم إليه:
ما حاجتكم إلى مسألته.
لا يستقبلكم:
لا يأتيكم.
فأمسك:
سكت.

من فوائد الحديث

  1. جواز سؤال العالم في حال قيامه، ومشيه، إذا كان لا يثقل ذلك عليه.
  2. أدب الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تأدب ابن
  3. مسعود رضي الله عنه لما علم بنزول الوحي، فوقف حتى لا يشوش عليه.
  4. العمل بما يغلب على الظن، حيث توقف ابن مسعود حين ظن نزول الوحي.
  5. التوقف عن الجواب بالاجتهاد لمن يتوقع النص.
  6. بعض المعلومات قد استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمها وحقيقتها كالروح.
  7. في هذه الآية ما يزجر الخائضين في شأن الروح المتكلفين لبيان ما هيئتها، وإيضاح حقيقتها أبلغ زجر، ويردعهم أعظم ردع، إنما يعرف الناس أثرها ولوازمها، ويكفيهم ذلك.
المراجع
  1. صحيح البخاري (6/ 87) (4721)، صحيح مسلم (4/ 2152) (2794)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (43/ 362)، فتح الباري لابن حجر (8/ 401)، النهاية في غريب الحديث والأثر (ص 614)