عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} [الأنفال: 34] الآية.
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، وفي قوله هذا مبالغة في الجحود والإنكار، أو ائتنا بعذاب أليم، فطلبوا أن يعذبوا بالرجم بالحجارة من السماء، أو بغيرها من أنواع العذاب الشديد، فردَّ الله عليهم بقوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت} يا محمد موجود {فيهم} فإنك ما دمت فيهم فهم في مهلة من العذاب الذي هو الاستئصال، {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وما كان الله معذبهم في حال كونهم يستغفرونه، أو وما كان الله ليعذبهم وفيهم من يستغفر من المسلمين، فلما خرجوا من بين أظهرهم بالهجرة عذبهم بيوم بدر وما بعده، {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} الآية، ولما بين سبحانه أن المانع من تعذيبهم هو وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم ووقوع الاستغفار ذكر بعد ذلك أن هؤلاء الكفار مستحقون لعذاب الله؛ لما ارتكبوا من القبائح، فأي شيء يمنع من تعذيبهم؛ والحال أنهم يصدون الناس عن المسجد الحرام، كما وقع منهم عام الحديبية من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من البيت، ولكن لله حكمة في تأخير العقوبة أو جعلها في الآخرة.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

وأنت فيهم:
وأنت يا محمد موجود بينهم.
يصدّون:
الصّد الصرف والمنع.

من فوائد الحديث

  1. بيان سبب نزول الآية الكريمة.
  2. بيان ما كان عليه المشركون من العناد والتمرد على الإسلام.
  3. بيان كون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للأمة، حيث يدفع الله عنهم العذاب بوجوده مع استحقاقهم له، وهذا مصداق قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فكان رحمة للكفار في تأخير عذاب الاستئصال عنهم، وأما كونه رحمة للمؤمنين ففي الدنيا والآخرة.
  4. الاستغفار سبب في دفع عقوبة الدنيا حتى من الكفار، فقد أخر الله عن المشركين العذاب مع كفرهم حيث استغفروه، فكيف بالمؤمنين، ففيه بيان عظم الاستغفار.
المراجع
  1. صحيح البخاري (6/ 62) (4648)، صحيح مسلم (4/ 2154) (2796)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (43/ 387)، النهاية في غريب الحديث والأثر (ص 510).