«تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ»، وفي لفظ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ».
[صحيح]
-
[رواه البخاري]
دعا النبي صلى الله عليه وسلم على مَن يَصرف همّته ووقته في تحصيل الدنيا فقط؛ فهو عبد للدينار والدرهم، والقطيفة الثوب له أهداب، والخميصة الكساء من حرير، دعا عليه بالشقاء والهلاك، والبعد عن الخير، والتَّعَثُّر بالشر؛ فلا يفيق من عثرته ولا يصيب حجته وبغيته؛ لأنه إن أعطي من الدنيا رضي، وإن لم يعط سخط، تعس بأن يَخِرّ على وجهه، وانتكس بأن يسقط على رأسه، فينشغل بسقطته حتى يسقط أخرى، ودعا أن من تصيب رجله الشوكة فلا يجد من يخرجها فيصير عاجزًا عن الحركة والسعي في تحصيل الدنيا.
ثم دعا صلى الله عليه وسلم بالجنة لمن اشتغل بالآخرة عن الدنيا؛ آخذ بلجام فرسه بالجهاد في سبيل الله، متفرق شعر رأسه، مغبرة قدماه بالتراب؛ قد شغلَه الجهاد عن التنعُّم بالإدِّهان وتسريح الشعر، لا يقصد السمو والذكر، إن طُلب منه أن يكون في حراسة الجيش، امتثل فكان في الحراسة، وإن طلب منه أن يكون في مؤخرة الجيش التزم بذلك، إن استَأذَن لم يُؤذن له، وإن شفع لأحد لم يُشفّع لا يَعرفه أحد، ولا يطلب الشهرة.