عن عائشة رضي الله عنها ، قالت: طلَّق رجل امرأَته ثلاثا، فَتَزوَّجها رجل، ثم طلَّقها قَبْل أن يَدْخُل بها، فَأَراد زوجها الأول أن يتزوَّجها، فسُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «لا، حتى يَذُوَق الآخرُ مِنْ عُسَيْلَتِها ما ذَاقَ الأوَّل».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

جاءت امرأة رفاعة القرظي شاكية حالها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته أنها كانت زوجًا لرفاعة، فبتَّ طلاقها بالتطليقة الأخيرة، وهي الثالثة من طلقاتها، وأنها تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزَّبِير -بفتح الزاي- فلم يستطع أن يمسها، فطلقها، فَأَراد زوجها الأول أن يتزوَّجها، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فمنعه ونهى عنه، وأخبرها بأنه لابد لحل رجوعها إلى رفاعة من أن يطأها زوجها الأخير.

الترجمة: الإنجليزية الفرنسية التركية الأوردية الإندونيسية البوسنية الروسية الصينية الفارسية الهندية الكردية
عرض الترجمات

معاني الكلمات

رجل:
هو رِفَاعَة القرظي.
فتزوجها رجل:
الرجل الثاني: عبد الرحمن بن الزَّبِير القرظي.
يَدْخُل بهَا:
المراد بالدخول هنا ليس مجرَّد الخلوة، وإنَّما هو الوطء.
يذوق:
يُقال: ذاق يذوق ذوقًا: اختبر الطعم، والذوق هو الحاسة التي يتميز بها خواص الأجسام الطعمية، والأصل في الذوق تعرُّف الطعم، ثمَّ كثر حتى جعل عبارة عن كل تجربة، ومنه معنى الحديث.
عُسيلتها:
تصغير عسلة، والمقصود الجماع, تشبيها للذَّة الجِماع بذوق العسل.

من فوائد الحديث

  1. المطلقة ثلاثًا لا يحل لمطلِّقها أن يرجعها حتى تنكح زوجًا غيره، ويجامِعها الزوج الثاني، ثم يطلقها بغير نية التحليل، وتعتد منه، قال -تعالى-: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا}،[البقرة: 230].
  2. لابُدَّ أنْ يكون زواج الثاني زواج رغبةٍ، لم يقصد به التحليل، أما إنْ قصد الثاني بزواجه التحليل للأوَّل، فإنَّ العقد غير صحيح، بل هو باطلٌ، ونكاحه ووطؤه محرَّم، ولم تحل للزوج الأول,كما دلت عليه الأحاديث الأخرى.
  3. لابُدَّ لصحة حِلِّ المطلقة للزوج الأول، أن يطأها الزوج الثاني في عقد صحيح, وذلك بإيلاج الحشفة -أو قدرها من مجبوبٍ- في فرج المرأة المطلَّقة، مع انتشار وإن لم ينزل، فلا يكفي مجرَّد العقد، ولا الخلوة، ولا المباشرة دون الفرج، ولا كون العقد الثاني باطلًا أو فاسدًا، بل لابُدَّ أنْ يكون بعقدٍ صحيح.
  4. الشريعة الإسلامية أجمل الشرائع، وأقوم بمصالح العباد، فله أن يعاف زوجته، فإن تاقت نفسه إليها وجد السبيل إلى ردها، فإذا طلَّقها الثالثة لم يبق له عليها سبيل، إلاَّ بعد نكاح زوجٍ ثانٍ، نكاح رغبة، فإباحتها بعد الزوج الآخر من أعظم النعم.
  5. استعمال الكناية عن الشيء الذي يستحيا من ذكره بما يدل عليه, لقولها: قبل أن يدخل بها, والمراد بالدخول الجماع.
  6. إذا تصرف الإنسان تصرفًا على خلاف الشرع وهو يعتقده صحيحا, فلا عبرة بتصرفه, فهذه المرأة لما طلقت ظنت أن ذلك يبيحها للزوج الأول, فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها لا تحل له حتى يدخل بها.
المراجع
  1. صحيح البخاري، تأليف: محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد زهير الناصر، الناشر: دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، 1422هـ.
  2. صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي - الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  3. توضيح الأحكام مِن بلوغ المرام، تأليف: عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام، الناشر: مكتبة الأسدي، مكة المكرّمة، الطبعة الخامِسَة، 1423هـ - 2003م.
  4. تسهيل الإلمام بفقه الأحاديث من بلوغ المرام، تأليف: صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، الطبعة الأولى، 1427ه - 2006م.
  5. فتح ذي الجلال والإكرام شرح بلوغ المرام، لمحمد بن صالح بن محمد العثيمين، تحقيق: صبحي بن محمد رمضان، وأُم إسراء بنت عرفة، ط1، المكتبة الإسلامية، مصر، 1427هـ.
  6. منحة العلام في شرح بلوغ المرام، تأليف: عبد الله بن صالح الفوزان، الناشر: دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى، 1427هـ - 1431هـ.
  7. بلوغ المرام من أدلة الأحكام، لابن حجر، دار القبس للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1435هـ - 2014م.
  8. تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للبسام، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وصنع فهارسه: محمد صبحي بن حسن حلاق، ط10، مكتبة الصحابة، الإمارات - مكتبة التابعين، القاهرة، 1426هـ.