بَعَثَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقَةِ من جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا القَوْمَ على مِيَاهِهِم، ولَحِقْتُ أنا ورجلٌ من الأنصارِ رجلًا منهم، فلما غَشِينَاهُ، قال: لا إله إلا الله، فَكَفَّ عنه الأَنْصَارِيُّ، وطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المدينةَ، بَلَغَ ذَلِكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا أسامةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ؟!» قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنما كان مُتَعَوِّذًا، فقال: «أَقَتَلْتَهُ بعد ما قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ؟!» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حتى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لم أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية إلى الحرقة قبيلة من جهينة، وفيهم أسامة بن زيد رضي الله عنهما، فهجموا عليهم صباحا قبل أن يشعروا بهم، وأثناء القتال هرب من المشركين رجل، فلحقه أسامة ورجل من الأنصار لقتله، حتى أدركاه، فقال: لا إله إلا الله، فأما الأنصاري فتركه لما قال: لا إله إلا الله، وأما أسامة فطعنه برمحه حتى قتله، فلما رجعوا إلى المدينة، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسامة: أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا لله؟! قال: نعم يا رسول الله؛ إنما قالها خوفا من السلاح، وليحرز دمه من القتل، ويستجير بها، فأعاد عليه صلى الله عليه وسلم: أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟! وما زال يكرر النبي السؤال على أسامة؛ حتى قال أسامة: تمنيت أن إسلامي كان ذلك اليوم؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، فتمنى أن يكون ذلك الوقت أول دخوله في الإسلام ليأمن من جريرة تلك الفعلة، ولم يرد أنه تمنى أن لا يكون مسلما قبل ذلك.