«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ»، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} [الليل: 6] الآيَةَ.
[صحيح]
-
[متفق عليه]
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في جنازة بالمقبرة، فجلس وبيده عصا يخط بها على الأرض، وأطرق رأسه إلى الأرض كالمتفكر، ثم قال: ما من نفسٍ مولودة إلا قد كتب في اللوح المحفوظ مكانها من النار أو الجنة، وشقية أو سعيدة، فقال الصحابة: ففيم العمل؟! إن كان الشقي شقي، والسعيد سعيد، والذي في الجنة في الجنة، والذي في النار في النار؛ حيث لا فائدة في السعي والعمل، أفلا نعتمد على ما كتب علينا وندع العمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ابل اعملوا بمقتضى ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، فكلٌ ميسر لما خلق له من خير أو شر؛ فمن كان من أهل السعادة يسره الله لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة يسره الله لعمل أهل الشقاوة. ثم قرأ صلى الله عليه وسلم تصديقا لقوله: (فأما من أعطى) حق الله من المال والامتثال (واتقى) وخاف مخالفته أو عقوبته واجتنب معصيته (وصدق بالحسنى) بكلمة لا إله إلا الله وعمل بمقتضاها، (فسنيسره) ونهيئه في الدنيا (لليسرى) بالعمل بما يرضاه الله، (وأما من بخل) بالنفقة في الخير (واستغنى) بشهوات الدنيا المحرمة عن نعيم الآخرة (وكذب بالحسنى) بكلمة لا إله إلا الله (فسنيسره للعسرى) والأعمال المؤدية إلى العسر والشدة وهي خلاف اليسرى. فقال الصحابة في حث بعضهم لبعض على العمل: فالجد الآن الجد.