التصنيف: مهم 5 - قديم .
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ، فَقَالَ:

«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ»، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} [الليل: 6] الآيَةَ.
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في جنازة بالمقبرة، فجلس وبيده عصا يخط بها على الأرض، وأطرق رأسه إلى الأرض كالمتفكر، ثم قال: ما من نفسٍ مولودة إلا قد كتب في اللوح المحفوظ مكانها من النار أو الجنة، وشقية أو سعيدة، فقال الصحابة: ففيم العمل؟! إن كان الشقي شقي، والسعيد سعيد، والذي في الجنة في الجنة، والذي في النار في النار؛ حيث لا فائدة في السعي والعمل، أفلا نعتمد على ما كتب علينا وندع العمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ابل اعملوا بمقتضى ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، فكلٌ ميسر لما خلق له من خير أو شر؛ فمن كان من أهل السعادة يسره الله لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة يسره الله لعمل أهل الشقاوة. ثم قرأ صلى الله عليه وسلم تصديقا لقوله: (فأما من أعطى) حق الله من المال والامتثال (واتقى) وخاف مخالفته أو عقوبته واجتنب معصيته (وصدق بالحسنى) بكلمة لا إله إلا الله وعمل بمقتضاها، (فسنيسره) ونهيئه في الدنيا (لليسرى) بالعمل بما يرضاه الله، (وأما من بخل) بالنفقة في الخير (واستغنى) بشهوات الدنيا المحرمة عن نعيم الآخرة (وكذب بالحسنى) بكلمة لا إله إلا الله (فسنيسره للعسرى) والأعمال المؤدية إلى العسر والشدة وهي خلاف اليسرى. فقال الصحابة في حث بعضهم لبعض على العمل: فالجد الآن الجد.

من فوائد الحديث

  1. جواز الموعِظة على القبر إذا احتيج لذلك.
  2. أن الله أمرنا بالعمل، فوجب علينا الامتثال، وغيب عنا المقادير لقيام الحجة، ونصب الأعمال علامة على ما سبق في مشيئته، فمن عدل عنه ضل وتاه; لأن القدر سر من أسرار الله لا يطلع عليه إلا هو، فإذا أدخل أهل الجنة الجنة كشف لهم عنه حينئذ.
  3. قال الطيبي: الجواب من الأسلوب الحكيم منعهم عن ترك العمل وأمرهم بالتزام ما يجب على العبد من العبودية، وزجرهم عن التصرف في الأمور المغيبة، فلا يجعلوا العبادة وتركها سببا مستقلا لدخول الجنة والنار.
  4. لا بد من الجمع بين الإيمان بالقدر، والأخذ بالأسباب في العمل.
  5. قال الكرماني: حاصل الكلام أنهم قالوا إذا كان الأمر مقدرا فلنترك المشقة في العمل الذي من أجلها سمي بالتكليف، وحاصل الجواب: أن كل من خلق لشيء يسر لعمله فلا مشقة مع التيسير.
  6. قال الخطابي: هذا الحديث إذا تأملته وجدت فيه الشفاء مما يتخالج في الضمير من أمر القدر، وذلك أن القائل: " أفلا نتكل وندع العمل؟ " لم يدع شيئا مما يدخل في أبواب المطالبات والأسئلة إلا وقد طالب به وسأل عنه، فأعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القياس في هذا الباب متروك، والمطالبة ساقطة، وأنه لا يشبه الأمور التي عقلت معانيها وجرت معاملة البشر فيما بينهم عليها، بل طوى الله علم الغيب عن خلقه، وحجبهم عن دركه كما أخفى عنهم أمر الساعة، فلا يعلم أحد متى حين قيامها.
  7. لا يجوز الاحتجاج بالقدر على المعاصي، وذلك لأن العبد لا يعلم عن قوع الأمر قبل عمله، ولكن إذا اختاره وعمله ظهر له ما كان قد سبق في عِلم الله -تعالى-.

معاني بعض المفردات

الترجمة: الإنجليزية الأوردية الإسبانية الإندونيسية الأيغورية البنغالية الفرنسية التركية الروسية البوسنية السنهالية الهندية الصينية الفارسية تجالوج الكردية البرتغالية
عرض الترجمات
المراجع
  1. صحيح البخاري (6/ 171) (4949).
  2. صحيح مسلم (4/ 2039) (2647).
  3. نزهة المتقين، لمجموعة من الباحثين (1/ 710).
  4. كنوز رياض الصالحين، لمجموعة من الباحثين (12/ 194).
  5. بهجة الناظرين، لسليم الهلالي (2/ 189).
  6. شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (2/ 600).
  7. شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، لشرف الدين الطيبي (2/ 538).
  8. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، لعلي القاري (1/ 156).
التصنيفات