عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا» قَالَ: «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا، أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ» قَالَ: وَكَانَ فَرَسًا يُبَطَّأُ.
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

قال أنس بن مالك: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس خِلقةً وجمالًا، وكان أكرم الناس وأكثرهم عطاءً وبذلًا، وكان أقوى الناس قلبًا وأثبتهم عند المخاوف، وقد خاف أهل المدينة في ليلة، فخرج الناس باتجاه الصوت، فلقيهم النبي عليه الصلاة والسلام راجعًا وهم ذاهبون، فقد سبقهم بالذهاب الى اتجاه الصوت وتحقق منه ورجع، ركب فرسًا استعاره من أبي طلحة، ليس عليه سرج ولا غيره، وكان معلِّقًا السيف في عنقه، وهو يقول: لا خوف عليكم، وأنتم آمنون، ثم قال: لقد وجدنا الفرس البطيء في السير واسع الجري أو قال إنه لواسع الجري شك الراوي، أي سريعًا، وكان فرسًا يُتهم بالبطء في السير.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

أجود:
أكرم الناس وأكثرهم عطاءًا وبذلًا.
فزع أهل المدينة:
خافوا.
قِبَل الصوت:
اتجاهه.
عُري:
لا سرج عليه ولا غيره.
لم تراعوا:
لا فزع ولا خوف عليكم.
بحرًا:
واسع الجري.
يبطأ:
يتهم بالبطء في السير.

من فوائد الحديث

  1. بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خَلقًا وخُلقًا، وكان أجود الناس، وأشجع الناس.
  2. شجاعته صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف من شدة عجلته في الخروج إلى مصدر الصوت قبل الناس كلهم، بحيث كشف الحال ورجع قبل وصول الناس.
  3. عظيم بركته صلى الله عليه وسلم، ومعجزته في انقلاب الفرس سريعًا بعد أن كان بطيئًا.
  4. جواز مبادرة الإنسان وحده في كشف أخبار العدو ما لم يتحقق الهلاك.
  5. جواز العارية، وجواز الغزو على الفرس المستعار لذلك، وركوب الدابة بدون سرج؛ لاستعجال الحركة.
  6. جواز تقلد السيف في العنق.
  7. استحباب تبشير الناس بعدم الخوف إذا ذهب سببه.
  8. جواز استعمال المجاز حيث شبه الفرس بالبحر؛ لأن الجري منه لا ينقطع كما لا ينقطع ماء البحر.
  9. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل، والشجاعة والشهامة، والانتهاض في الحروب، والفروسية وأهوالها، ما لم يكن عند أحد من الناس، فإنه ما ولى قط منهزمًا، ولا تحدث أحد عنه قط بفرار.
المراجع
  1. صحيح البخاري (4/ 39) (2908)، صحيح مسلم (4/ 1802) (2307)، النهاية في غريب الحديث والأثر (172) (705) (611) (383) (64)، شرح النووي على مسلم (15/ 67)، (12/ 58)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (5/ 98)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (37/ 403).