عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيّ -وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ- أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاَةِ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ، كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ.
[صحيح]
-
[متفق عليه]
روى أنس بن مالك الأنصاري -وكان خادمًا للنبي صلى الله عليه وسلم عشرَ سنين ليلًا ونهارًا، وإنما ذَكَر الراوي عنه خدمته لبيان زيادة شرفه، وطول صحبته معه صلى الله عليه وسلم، والصحبة أفضل أحوال المؤمنين وأعلى مقاماتهم- أن أبا بكر رضي الله عنه كان يؤمُّ الصحابة في مرض النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي بسببه، فلما كان يوم الاثنين من ذلك الأسبوع والصحابة مصطفين في الصلاة فتح النبي صلى الله عليه وسلم ستارة البيت، ونظر إليهم وهو واقف، وكأن وجهه ورقة مصحف، أي من الجمال وحسن البشرة وصفاء الوجه، ثم تبسم وهو يضحك، وسبب تبسمه فرحه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة واتفاق كلمتهم وإقامتهم شريعته، فهممنا أن نخرج من الصلاة، لشدة فرحنا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع أبو بكر ليأتي إلى الصف، لأنه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليصلي بهم، فأشار عليه الصلاة والسلام للصحابة أن يكملوا صلاتهم وأنزل الساتر الذي كشفه، فتوفي عليه الصلاة والسلام في هذا اليوم.