عن قيس بن أبي حازم قال: قال لي جرير: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تُرِيحُني من ذي الخَلَصَة» وكان بيتًا في خَثْعَم يسمى كعبةَ اليَمَانِيَةِ، قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، قال: وكنت لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري، وقال: «اللهم ثبِّته، واجعله هاديًا مَهديًّا»، فانطلق إليها فكسرها وحرَّقها، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق، ما جئتُك حتى تركتُها كأنها جمل أجوف أو أجرب، قال: فبارك في خيل أحمس، ورجالها خمس مرات.
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

أخبر جرير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: هل تريحني من ذي الخَلَصَة، وكان ذو الخلصة بيتًا لصنم في خثعم وهي قبيلة شهيرة ينتسبون إلى خثعم، يسمى ذو الخَلَصة كعبةَ اليمانية؛ لأنه بأرض اليمن، ضاهوا به كعبة البيت الحرام، وطلبه صلى الله عليه وسلم لذلك؛ لأنه لم يكن شيء أتعب لقلبه عليه الصلاة والسلام من بقاء ما يشرك به من دون الله، وخص جرير بذلك لأنها كانت في بلاد قومه، وكان هو من أشرافهم. قال جرير: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وهي قبيلة من العرب، وذلك قبل وفاته عليه الصلاة والسلام بشهرين، وكانوا يثبتون على الخيل وكنت لا أثبت عليها، فضرب عليه الصلاة والسلام في صدري، حتى رأيت أثر أصابعه الشريفة في صدري، ودعا لي فقال: اللهم ثبته على الخيل واجعله هاديًا لغيره، مهديًا في نفسه، فانطلق جرير ومن معه إلى ذي الخلصة، فكسرها وهدم بناءها وحرقها، ثم أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بتكسيرها وتحريقها، فقال رسول جرير للنبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثك بالحق ما أتيتك حتى تركتها كأنها بعير خالي أجوف أو قال أجرب، كناية عن نزع زينتها وإذهاب بهجتها، فدعا عليه الصلاة والسلام لخيل أحمس ورجالها بالبركة خمس مرات مبالغة في الدعاء، واقتصر على الوتر؛ لأنه مطلوب.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

ذي الخلصة:
اسم للكعبة اليمانية التي كانت في اليمن، وكانوا يشركون بعبادة آلهتهم فيها.
أحمس:
اسم لقبيلة من قبائل العرب.
أصحاب خيل:
لهم ثبات عليها وقدرة على ركوبها.
أجوف أو أجرب:
الجمل الذي زال شعره ونقص جلده من الجرب.

من فوائد الحديث

  1. بيان منقبة من مناقب جرير رضي الله عنه وقومه.
  2. بركة يد النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه.
  3. كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو وترًا، وقد يجاوز الثلاث، وفيه تخصيص لعموم قول أنس: "وكان إذا دعا دعا ثلاثًا"، رواه مسلم، فيحمل على الغالب.
  4. مشروعية إزالة ما يفتتن به الناس، من بناء وغيره، سواء كان إنسانًا، أو حيوانًا، أو جمادًا.
  5. مشروعية استمالة نفوس القوم بتأمير من هو منهم، وبالدعاء لهم، والثناء عليهم.
  6. استحباب إرسال البشير بالفتوح ونحوها.
  7. فضل ركوب الخيل في الحرب.
  8. المبالغة في نكاية العدو، وفيه النكاية بآثار الباطل، والمبالغة في إزالته.
المراجع
  1. صحيح البخاري (4/ 62) (3020)، صحيح مسلم (4/ 1925) (2476)، النهاية في غريب الحديث والأثر (278)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (5/ 151)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (39/ 424).