«لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ*، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن حلب أي ماشية دون إذن صاحبها، ولا فرق في هذا الحكم بين المسلم والذمي، فكما أنه لا يحب أحد أن يقتحم شخص موضعه المصون الذي يخزن فيه طعامه، أو وعاؤه فيكسر خزانته التي يخزن فيه ما يريد حفظه، فيؤخذ طعامه وينتقل لمكان آخر، فكذلك من يحلب من ماشية الغير، فإن ضروع مواشيهم تحفظ وتخزن أطعمتهم وهو اللبن، ثم أكد عليه الصلاة والسلام النهي عن حلب ماشية الغير بدون إذنه. فشبه عليه الصلاة والسلام ضروع الواشي في ضبطها الألبان على أربابها بالخزانة التي تحفظ ما أودعت من متاع وغيره، وفيه النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا بغير إذنه، وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أعلى منه، ويحمل هذا الحديث على ما لا تطيب به النفس، والحاصل أن حلب ماشية الناس ممنوع، إلا المضطر الذي لا يجد ميتة ويجد طعام غيره فيأكل الطعام للضرورة ويلزمه بدله لمالكه.

الترجمة:
عرض الترجمات

من فوائد الحديث

  1. بيان تحريم حلب مواشي الناس بغير إذنهم إذا كان لنقلها وحملها.
  2. ضرب الأمثال للتقريب للأفهام، وتمثيل ما قد يخفى بما هو أوضح منه، واستعمال القياس في النظائر.
  3. ذكر الحكم بعلته، وإعادته بعد ذكر العلة تأكيدًا وتقريرًا.
  4. إباحة خزن الطعام إلى وقت الحاجة إليه، خلافا لغلاة المتزهدة المانعين من الادخار مطلقًا.
  5. اللبن يسمى طعامًا، فيحنث به من حلف لا يتناول طعامًا، إلا أن يكون له نية في إخراج اللبن.
المراجع
  1. صحيح البخاري (3/ 126) (2435)، صحيح مسلم (3/ 1352) (1726)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (4/ 249)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (30/ 255) (30/ 258)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (15/ 543).