عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم ترجعون إلي لأحكم بينكم إذا تخاصمتم، ولعل بعضكم يكون أبين كلامًا وأعلم بحجته وأقدر على بيان مقصوده من الآخر، فأحكم للذي غلب بحجته على خصمه على الظاهر من كلامه، فالذي قضيت له بحسب الظاهر إذا كان في الباطن لا يستحقه فهو عليه حرام، يؤول به إلى النار، وحكمي لا ينفعه والحالُ ما ذُكر.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

قطعة من النار:
تمثيل المحكوم به ظبمًا بالنار؛ لأنها تؤدي إليها.

من فوائد الحديث

  1. الحكم بالظاهر تشريفٌ للأمة.
  2. أنه ليس كل مجتهد مصيبًا، وأن إثم الخطأ مرفوع عنه إذا اجتهد.
  3. العمل بالظن.
  4. بيان إثم من خاصم في باطل، حتى استحق به في الظاهر شيئًا هو في الباطن حرام عليه.
  5. من ادعى مالًا ولم يكن له بينة، فحلف المدعى عليه، وحكم الحاكم ببراءة الحالف، فلا يبرأ في الباطن، وأن المدعي لو أقام بينة بعد ذلك، تنافي دعواه سُمِعت، وبطل الحكم.
  6. من احتال لأمر باطل بوجه من وجوه الحيل، حتى يصير حقًّا في الظاهر، ويحكم له به، لا يحل له تناوله في الباطن، ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم.
  7. أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء.
  8. استدل بالحديث لمن قال: إن الحاكم لا يحكم بعلمه، بدليل الحصر في قوله: "إنما أقضي له بما أسمع".
  9. التعمق في البلاغة بحيث يحصل اقتدار صاحبها على تزيين الباطن في صورة الحق، وعكسه مذموم، ولو كان ذلك في التوصل إلى الحق لم يذم، وإنما يذم من ذلك ما يتوصل به إلى الباطل في صورة الحق.
  10. موعظة الإمام الخصوم؛ ليعتمدوا الحق، والعمل بالنظر الراجح، وبناء الحكم عليه.
المراجع
  1. صحيح البخاري (9/ 25) (6967)، صحيح مسلم (3/ 1337) (1713)، فتح الباري لابن حجر (13/ 173)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (30/ 38) (30/ 41)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (13/ 6).