عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ» فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا.
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر غزو، فنصره الله تعالى على أعدائه، ورد الله أموالهم إليه غنيمة، فقال لأصحابه: هل تفقدون أحدًا؟ قالوا: نعم، نفقد فلانًا وفلانًا وفلانًا، ممن استُشهد في تلك الغزوة، ثم كرر عليهم السؤال فكرروا الإجابة، ثم كرر السؤال مرة ثالثة، فقالوا: لا نفقد غير هؤلاء الذين ذكرناهم، قال: ولكني أفقد جليبيبًا رضي الله عنه، فابحثوا عنه، فبحثوا عنه في المقتولين فوجدوه بجانب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف فوقه، فقال: قتل سبعة من المشركين ثم قتلوه، جليبيب مني وأنا منه، جليبيب مني وأنا منه، فوضعه صلى الله عليه وسلم على ذراعيه ليس له مكان يُوضع فيه إلا ساعدا النبي عليه الصلاة والسلام، فحفر الصحابة الحاضرون في ذلك المكان حفرة؛ ليدفنوه فيها ووضع في قبره، ولم يذكر الراوي غسل جليبيب لأنه لم يغسل؛ حيث كان شهيد المعركة، وشهداء المعركة لا يغسلون.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

مغزى:
غزوة.

من فوائد الحديث

  1. فضل هذا الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه، فقد بجَّله النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلى قدره وأشهر ذكره، بالسؤال عنه وبقوله: "هذا مني، وأنا منه"، مرتين، فما أعظم هذه الفضيلة، والمنزلة الرفيعة التي حازها هذا الصحابي رضي الله عنه، مع أنه لا يُعرف نسبه، ولم يضره ذلك، ومع كونه غير مشهور فيما بين الناس، ولكنه مشهور عند الله عز وجل، وعند رسوله صلى الله عليه وسلم.
  2. فضل الشهادة في سبيل الله عز وجل.
  3. ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع، وكريم الأخلاق، حيث كان يجعل مثل هذا الصحابي على ساعديه، حتى يرفع، ويوضع في لحده.
المراجع
  1. صحيح مسلم (4/ 1918) (2472)، الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 600)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (39/ 361).