عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: «فيه ساعة، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئًا، إلا أعطاه إياه» وأشار بيده يقللها.
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعض فضائل يوم الجمعة؛ ليحثهم على العناية به وتعظيمه والاشتغال بالطاعة والدعاء فيه، فأخبرهم أن في يوم الجمعة زمنًا معينًا، لا يصادفه عبدٌ مسلمٌ ملازمٌ ومواظبٌ على الدعاء، أو لا يصادفه مسلمٌ في أثناء الصلاة، ويسأل الله تعالى فيها شيئًا مما يليق أن يدعو به المسلم، إلا استجاب الله له دعاءه، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة إشارة يُقلِّل بها هذه المدة، أي أن وقت الاستجابة ليس بالكثير، وتسميتها ساعةً لا يلزم منه كونها ستين دقيقة، فينبغي أن يكون العبد في جميع نهاره متعرضًا له بإحضار القلب، وملازمة الذكر والدعاء، والنزوع عن وساوس الدنيا، فعسى أن يحظى بشيء من تلك النفحات. وقوله: (وهو قائم يصلي) فيه احتمالان: الأول: أن القيام هنا بمعنى الملازمة والثبات، والصلاة الدعاء؛ لأن القيام في الصلاة نهارًا ليس موطن دعاء، فيمكن على هذا القول أن تكون الساعة هي آخر ساعة في يوم الجمعة، كما في حديث جابر مرفوعًا، والثاني: أن المراد وهو يصلي صلاةً شرعيةً، فيمكن أن تكون الساعة في أثناء صلاة الجمعة، كما في حديث أبي هريرة مرفوعًا، وأبي بردة الأشعري. وقد أُبهم هذا الزمن ليكون أدعى لمراقبة ذلك اليوم والذكر فيه، وقد اختلف في تعيينها، فذهبت طائفة من السلف: إلى أنها من بعد العصر إلى الغروب، وذهب آخرون: إلى أنها فيما بين خروج الإمام إلى أن تقضى الصلاة، والأولى الحرص على الدعاء مطلقًا، وزيادة الاهتمام بهذين الوقتين.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

يوافقها:
يصادفها ويقصدها ويتحراها بالدعاء.
أشار بيده يقللها:
يشير إلى أنها وقت قليل.

من فوائد الحديث

  1. بيان فضل يوم الجمعة، وقد ورد التصريح بأنه خير يوم طلعت فيه الشمس.
  2. بيان فضل الدعاء يوم الجمعة، واستحباب الإكثار منه فيه؛ رجاء مصادفة تلك الساعة، ولا سيما في الوقتين المذكورين في الحديث، وهما في صلاة الجمعة، وبعد صلاة العصر إلى المغرب.
  3. الحكمة في إخفاء هذه الساعة في هذا اليوم أن يجتهد الناس فيه، ويستوعبوه بالدعاء، ولو عرفت لخصوها بالدعاء، وأهملوا ما سواها.
  4. العمل بالإشارة، وأنها قائمة مقام النطق، إذا فهم المراد بها.
المراجع
  1. صحيح البخاري (2/ 13) (935)، صحيح مسلم (2/ 583) (852)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 493)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (2/ 190)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (17/ 130) (17/ 124).