عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَرَقَه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: «ألا تصليان؟» فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئًا، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه، وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا} [الكهف: 54].
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وفاطمة بنت النبي عليه السلام في ليلة، فقال عليه الصلاة والسلام لهما، حثًا وتحريضًا: ألا تصليان؟ فقال علي: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا أراد الله تعالى أن يوقظنا أيقظنا، فخرج عليه الصلاة والسلام عندما قال علي ذلك ولم يجبه بشيء، ثم ضرب النبي عليه الصلاة والسلام فخذه وهو مُعرِضٌ ذاهبٌ، وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك كراهة لاحتجاج علي رضي الله عنه بالآية المذكورة، فإن الأَولى في مثل هذا أن ينسب التقصير إلى نفسه، فهذا إنكار لجدل علي رضي الله عنه؛ لأنه تمسك بالتقدير والمشيئة في مقابلة التكليف، وهو مردود، والتكليف هنا بأمرٍ مستحبٍّ، لا واجب، فلذلك انصرف صلى الله عليه وسلم عنهما، ولو كان واجبًا لما تركهما على حالهما. ولولا ما علم النبي صلى الله عليه وسلم من عظم فضل الصلاة في الليل ما كان يزعج ابنته وابن عمه في وقت جعله الله لخلقه سكنًا، لكنه اختار لهما إحراز تلك الفضيلة على الدعة والسكون، امتثالًا لقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} الآية.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

طرقه:
أتاه ليلًا وكل آت باليل طارق.
ولم يرجع بشيء:
لم يرد عليه بشيء.
وهو مولٍّ:
وهو ذاهب.

من فوائد الحديث

  1. الحث على صلاة الليل، وإيقاظ النائمين من الأهل والقرابة لها.
  2. أمر الإنسان صاحبه بصلاة الليل، وتعهد الإمام وكبير القوم رعيته بالنظر في مصالح دينهم ودنياهم.
  3. إثبات المشيئة لله تعالى، وأن العبد لا يفعل شيئا إلا بمشيئة الله تعالى.
  4. ينبغي للناصح إذا لم تقبل نصيحته، أو اعتذر إليه بما لا يرتضيه أن يكف، ولا يعنف إلا لمصلحة.
  5. جواز الاستدلال بالقرآن في غير الدرس والخطبة ونحوهما، وترجيح قول من قال: إن اللام في قوله: {وكان الإنسان} للعموم، لا لخصوص الكفار.
  6. فيه منقبة لعلي رضي الله عنه، حيث روى هذا الحديث ولم يكتمه، فقدم مصلحة نشر العلم وتبليغه على مصلحة نفسه.
  7. جواز ضرب الفخذ عند التأسف.
  8. السكوت قد يكون جوابًا، فالنبي عليه الصلاة والسلام ترك عليًّا رضي الله عنه لما لم تعجبه إجابته.
المراجع
  1. صحيح البخاري (2/ 50) (1127)، صحيح مسلم (1/ 537) (775)، النهاية في غريب الحديث والأثر (561)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (16/ 132)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (2/ 312).