عن ابن شهاب أن علي بن حسين حدثه: أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن علي رحمة الله عليه لقيه المِسْوَر بن مَخْرَمة، فقال له: هل لك إليَّ من حاجة تأمرني بها؟ فقلت له: لا، فقال له: فهل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله لئن أعطيتنيه، لا يخلص إليهم أبدا حتى تبلغ نفسي، إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليها السلام، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم، فقال: «إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها»، ثم ذكر صهرًا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه، قال: «حدثني، فصدقني ووعدني فَوَفَى لي، وإني لست أحرم حلالًا، ولا أحل حرامًا، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنت عدو الله أبدًا».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

بعد مقتل حسين بن علي رضي الله عنهما في سنة إحدى وستين، وعندما رجع علي بن حسين بن علي زين العادين رضي الله عنهم إلى المدينة لقيه المِسْوَر بن مَخْرَمة رضي الله عنه، فقال له: هل لديك شيء تأمرني بفعله؟ فقال علي: لا، فقال المِسْوَر: هل تعطيني سيف النبي صلى الله عليه وسلم، فإني أخاف أن يأخذه القوم منك بالقوة والاستيلاء، ووالله إذا أعطيتني السيف لا يصل إليه أحدٌ أبدًا حتى تُقبض روحي، ثم ذكر المسور قصة خطبة علي لبنت أبي جهل؛ ليُعلِمَ عليَّ بن الحسين زين العابدين بمحبته فاطمة ونسلها بعدما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فذكر أنه لما خطب علي بن أبي طالب بنتَ أبي جهل على فاطمة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم الناس على المنبر، وكان المِسْوَر يومها بالغ، فقال عليه الصلاة والسلام: إن فاطمة قطعة مني، وأنا أخاف أن تفتن في دينها ولا تصبر بسبب الغيرة، ثم ذكر صهره أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، كان زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مصافيًا له، فأثنى عليه في مصاهرته، وقال عنه: حدثني، فصدقني ووعدني بإرسال زينب رضي الله عنها إلى المدينة فوفى لي، ثم بيّن عليه الصلاة والسلام أنه لا يحرم حلالًا ولا يحل حرامًا، فقد أعلم صلى الله عليه وسلم بذلك بإباحة التعدد، ولكن نهى عن الجمع بين بنت أبي جهل وبين فاطمة ابنته لأسباب: أحدها: أن ذلك يؤذيه، لأن إيذاء فاطمة إيذاءًا له، وثانيها: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، وثالثها: أنه جمع بين بنت النبي صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

مقتل حسين:
عند مقتله.
فهل أنت معطي سيف رسول الله:
سأله أن يسلمه سيف النبي عليه الصلاة والسلام.
يغلبك عليه القوم:
يأخذوه منك بالقوة والاستيلاء.
وايم الله:
من ألفاظ القسم.
لا يخلص إليهم:
لا يصل لهم.
تبلغ نفسي:
تفارق روحي جسدي.
محتلم:
بلغ الحلم وأصبح مدركًا.
صهرًا من بني عبد شمس:
أراد العاص بن الربيع، زوج زينب رضي الله عنها.
ووعدني:
بإرسال زينب رضي الله عنها إلى المدينة.

من فوائد الحديث

  1. تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، بكل حال وعلى كل وجه.
  2. يكون من جملة محرمات النكاح الخاصة: الجمع بين بنت النبي صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله.
  3. جواز التعدد في النكاح، وأما ما ذُكر في هذا الحديث فهو معنى خاص،كما سبق.
  4. فضيلة من فضائل فاطمة رضي الله عنها.
  5. فضل أبي العاص بن الربيع صهر النبي عليه الصلاة والسلام وثناء النبي عليه.
  6. اهتمام المِسْوَر بن مَخْرَمة رضي الله عنه بسبط النبي صلى الله عليه وسلم وبسيفه، وهو مثال على حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وذريته، وتعظيمهم له.
المراجع
  1. صحيح البخاري (4/ 83) (3110)، صحيح مسلم (4/ 1903) (2449)، النهاية في غريب الحديث والأثر (55)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (15/ 33)، مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه والقول المكتفى على سنن المصطفى (11/ 453).