عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء، قال: فجلسنا، فخرج علينا، فقال: «ما زلتم ههنا؟» قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب، ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال «أحسنتم أو أصبتم» قال فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرًا مما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: «النجومُ أَمَنَةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون».
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن الصحابة رضوان الله عليهم صَلَّوا صلاةَ المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا فيما بينهم: لنجلس حتى نصلي العشاء معه، فجلسوا، فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وسألهم عن جلوسهم وعدم ذهابهم، فأخبروه بما قالوا وعن رغبتهم في صلاة العشاء معه، فأثنى عليهم وأخبرهم أنهم أصابوا في انتظارهم هذا؛ لأن المنتظر للصلاة لا يزال في الصلاة ما انتظرها، فرفع رأسه إلى السماء، وكان يرفع رأسه للسماء كثيرًا، فقال: النجوم أمان للسماء ما دامت باقية فيها، فإذا ذهبت النجوم جاء السماء ما توعد من الانفطار والانشقاق والطي، وأنا أمان لأصحابي فإذا مُت جاء أصحابي ما يوعدون، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت الفتن وارتد من ارتد مَن العرب، ثم خروج الخوارج على عثمان وقتله رضي الله عنه، ثم خروجهم على علي رضي الله عنه، وأصحابي أمان لأمتي، فلما كانوا موجودين كان الدين قائمًا، والحق ظاهرًا، والنصر على الأعداء حاصلًا، فلما ذهب أغلبهم ضعف الالتزام بالدين وتسلط الأعداء وظهرت البدع، ثم بعد ذلك ظهور الروم على المسلمين، وانتهاك المدينة ومكة في عهد يزيد بن معاوية، وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

أمنة:
جمع أمين، وهو الحافظ.
ذهبت النجوم:
تكورت وانكدرت وعدمت.
أتى السماء ما توعد:
جاء السماء ما ترتقبه، وهو انشقاقها وذهابها يوم القيامة.
أتى أصحابي مايوعدون:
المراد ما وقع من الفتن.

من فوائد الحديث

  1. أن النبي صلى الله عليه وسلم حفظ لأصحابه، بل لأمته، فإنه الرحمة المهداة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
  2. فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جعلهم الله تعالى رحمة وأمانًا للأمة رضي الله عنهم .
  3. كون النجوم أمانًا للسماء، فمتى وجدت كانت السماء آمنة من الانشقاق والانفطار.
  4. حب الصحابة رضوان الله عليهم للخير.
  5. من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الثناء على الإصابة في العمل.
  6. جواز رفع الرأس للسماء، خلافًا لمن يظن الأدب في عدم فعل ذلك.
المراجع
  1. صحيح مسلم (4/ 1961) (2531)، النهاية في غريب الحديث والأثر (48)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/ 485)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 77) (40/ 80).