عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرَّتْ عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه مُنذِرُ جيشٍ يقول: صبَّحكم ومسَّاكم، ويقول: «بُعثتُ أنا والساعةُ كهاتين»، ويقرن بين إصبعيه السبابة، والوسطى، ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» ثم يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضَياعًا فإليَّ وعليَّ».
[صحيح]
-
[رواه مسلم]
كان سول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أصبحت عيناه حمراء، وارتفع صوته، واشتد غضبه، وإنما يفعل ذلك؛ إزالة للغفلة من قلوب الناس؛ حتى يتمكن فيها الوعظ ويؤثر فيها، أو لأنه يتوجه فكره إلى الموعظة، فتظهر عليه آثار الهيبة الإلهية، واستدل به على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته وكلامه، كمن ينذر قومًا من قرب جيش عظيم قصد الإغارة عليهم، يقول ذلك المنذر: نزل بكم العدو صباحًا أو مساءً، والمراد أنه سينزل، وعبر بصيغة الماضي؛ لتحققه، فهو ينذرهم بإغارة الجيش في الصباح والمساء، ويقول عليه الصلاة والسلام: بعثت أنا والساعة مثل هاتين الإصبعين، ويجمع بين إصبعيه السبابة والوسطى، والتشبيه في قلة التفاوت بينهما، فإن الوسطى تزيد على السبابة بقليل، فكأن ما بينه صلى الله عليه وسلم وبين الساعة في القلة قدر زيادة الوسطى على المسبحة، ويقول عليه الصلاة والسلام: أما بعد، فإن أفضل الحديث كتاب وكلام الله، وهو القرآن الكريم، وأحسن الطرق طريق محمد صلى الله عليه وسلم، واتباع سنته في سائر أمور الحياة، وشر الأمور هي المحدثات في الدين، التي ليس لها في الشريعة أصل يشهد لها بالصحة والجواز، وهي المسماة بالبدع، ولذلك حكم عليها بأن كل بدعة ضلالة، ثم يقول عليه الصلاة والسلام: أنا أحق بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالًا فهو ميراث لأهله ومن ترك دينًا فعلي وفاء دينه، وإلي كفالة عياله.