عن بهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون، لا يُفرَّق إبلٌ عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن أبى فإنا آخذوها وشطر إبله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء».
[حسن] - [رواه أبو داود والنسائي]

الشرح

في هذا الحديث بيان بعض أحكام زكاة السائمة، وهي التي ترعى بنفسها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا زادت الإبل على مائة وعشرين ففيها ابنة لبون، وهي التي دخلت في السنة الثالثة من أولاد الناقة، وهذا القيد مستفاد من الأدلة الأخرى في الباب، ولا تفرق الإبل عن حسابها تحسب كل إبله في الأربعين، فلا يترك منها هزيل ولا سمين، ولا صغير أو كبير، وقيل معناه أنه لا يجوز لأحد الخليطين أن يفرق إبله عن إبل صاحبه؛ فرارًا من الصدقة، كما إذا كان لأحد الخليطين ثلاث من الإبل، وللآخر اثنان، فإن في مجموعها شاة، ولو فرقاها لا يجب عليهما شيء، وكذلك لا يجوز الجمع بين الإبل المتفرقة لتقليل الزكاة. وأخبر أن من أخرج زكاتها طالبًا للأجر من الله تعالى فله أجرها، وأما من امتنع من إخراج الزكاة طوعًا فيأخذها العامل منه قهرًا، ويعاقب بأخذ نصف إبله عقوبة له على منع الزكاة، والقول الآخر أن العامل يقسم ماله قسمين، ويأخذ الزكاة من القسم الأجود والأفضل. ثم أخبر أن الزكاة حق من حقوق الله تعالى، ليس لآل محمد صلى الله عليه وسلم فيها نصيب، وإنما هي لأصحابها المستحقون لها، وهم الذين بينهم الله تعالى في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

سائمة:
السائمة من الماشية: الراعية التي لا تُعلف.
ابنة لبون:
وهي من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل في الثالثة، فصارت أمه لبونًا؛ أي: ذات لبن؛ لأنها تكون حملت حملًا آخر ووضعته.
لا يُفرَّق إبلٌ عن حسابها:
تحسب كل إبله في الأربعين، فلا يترك منها هزيل ولا سمين، ولا صغير أو كبير.
من أعطاها مؤتجرًا:
أعطاها طالبًا الأجر من الله عز وجل.
ومن أبى فإنا آخذوها وشطر إبله:
من منع إخراج الزكاة أُخذت منه بالقوة، وغُرّم زيادة عليها عقوبة له بسبب إمتناعه عن إخراج الزكاة.
عزمة من عزمات ربنا:
حق من حقوقه وواجب من واجباته -عز وجل-.

من فوائد الحديث

  1. الدلالة على أنه يجوز للإمام أن يأخذ الزكاة قهرًا إذا لم يرض رب المال، وعلى أنه يُكتفى بنية الإمام؛ لتعلق حقوق الآخرين في هذا المال.
  2. أن تارك الزكاة لا يكفر.
  3. مشروعية عقوبة مانع الزكاة بأخذ شطر ماله الذي وجب فيه الزكاة.
  4. العقوبة بأخذ نصف المال إنما تكون في نوع المال الذي وجبت فيه الزكاة، لا في جميع ماله الذي يملكه.
  5. بيان أن الواجب في كل أربعين من الإبل ابنة لبون، وهذا إنما هو بعد مائة وعشرين.
  6. لا تجب الزكاة في المعلوفة، لتقييده بقوله: سائمة.
  7. لا يجوز تفريق إبل الخليطين، خشية الصدقة، وكذلك الجمع.
  8. من أعطى زكاته عن طيب نفس، طالبا الأجر من الله تعالى، فله الأجر العظيم.
المراجع
  1. سنن أبي داود (3/ 26) (1575)، سنن النسائي (5/ 15) (2444)، النهاية في غريب الحديث والأثر (455)(826) (613)، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (22/ 33).