عن هشام بن عامر قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقلنا: يا رسول الله، الحفر علينا -لكلِّ إنسانٍ- شديدٌ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفروا وأعمقوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد»، قالوا: فمن نُقدِّم يا رسول الله؟ قال: «قدِّموا أكثرَهم قرآنًا»، قال: فكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد.
[صحيح] - [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه]

الشرح

أخبر هشام بن عامر بن أمية الأنصاري أنه لما انتهت غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة وعند إرادة دفن الشهداء شكا الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن حفر قبرٍ لكل إنسان على حِدَة شاقٌّ علينا، حيث أصابنا الجراح الكثيرة، والجهد الشديد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احفروا القبور واجعلوها عميقة، واجعلوها حسنة بتسوية قعرها ارتفاعًا وانخفاضًا، أو أحسنوا إلى الميت في الدفن، فسأله الصحابة عمن يقدِّمون في الدفن؟ فأخبرهم أن يقدِّموا أكثرهم حفظًا للقرآن؛ لكونه مقدَّمًا رتبةً عند الله تعالى حيًّا، فيكون مقدمًا بعد مماته كذلك، قال هشام بن عامر رضي الله عنه: فكان أبي -وهو عامر بن أمية بن الحسحاس- كان أحد ثلاثة أشخاص دفنوا في قبر واحد.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

الحفر علينا -لكل إنسان- شديد:
لا نقدر على دفن كل شهيد في قبرٍ بمفرده؛ لكثرتهم، وكانوا سبعين، ولِعَناء القتال.
أعمقوا:
اجعلوها عميقة.
وأحسنوا:
أتقنوا الحفر بتسوية قعر القبر ونحو ذلك.
أكثرهم قرآنا:
أكثرهم حفظًا للقرآن.

من فوائد الحديث

  1. جواز الجمع بين جماعة في قبر واحد، ولكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في هذه الواقعة، وإلا كان مكروهًا.
  2. مشروعية إعماق القبر.
  3. الإرشاد إلى تعظيم المعظِّم للقرآن علمًا وعملًا حيًّا وميتًا.
  4. دعت الشريعة للإحسان في كل شيء، والإحسان في القبر يكون بتسوية قعرها ارتفاعًا وانخفاضًا.
المراجع
  1. سنن أبي داود (5/ 123) (3215)، سنن الترمذي (3/ 265) (1713)، سنن النسائي (4/ 80) (2010)، سنن ابن ماجه (2/ 505) (1560)، مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه والقول المكتفى على سنن المصطفى (9/ 300)، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (19/ 360)، عون المعبود وحاشية ابن القيم (9/ 25).