عن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا قام أَحَدُكُمْ إلى الصلاة؛ فإنَّ الرَّحمة تُوَاجِهُهُ، فلا يَمْسَح الحَصَى».
وعن معيقيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الرجل يُسَوِّي التُّراب حيث يسجُد، قال: «إِنْ كُنْت فاعِلا فَوَاحِدة».
[حديث أبي ذر ضعيف، وحديث معيقيب صحيح]
-
[حديث أبي ذر رواه أبو داود.
حديث معيقيب متفق عليه]
في حديث أبي ذر: قوله: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة) أي: إذا دخل فيها، وقبل تكبيرة الإحرام لا يمنع. وأما النهي في قوله: (فلا يمسح الحصى) أي: فلا يعرض عن الصلاة لأدنى شيء؛ أي: لما فيه من قطع التوجه للصلاة، فتفوته الرحمة المسببة عن الإقبال على الصلاة، وهذا إذا لم يكن لإصلاح محل السجود، وإلا فيجوز مرة بقدر الضرورة. ومعلوم أن الحصى هي الحجارة الصغيرة، والتقييد بالحصى خرج مخرج الغالب؛ لكونه كان الغالب على فرش مساجدهم، ولا فرق بينه وبين التراب والرمل في هذه المسألة. حديث معيقيب أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ، قَالَ: «إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً». (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل) أي: في شأن الرجل الذي سأله عن نفسه أنه (يسوي التراب) أي: في الصلاة (حيث يسجد؟) أي: في مكان سجوده أو لأجل سجوده عليه. فأجابه -عليه الصلاة والسلام-: (إن كنت فاعلا)، أي: لذلك ومحتاجًا له، (فواحدة): أي فافعل فعلة واحدة أو مرة واحدة لا أكثر، ويكره أن يمسح الحصى إلا أن لا يمكنه الحصى من السجود بأن اختلف ارتفاعه وانخفاضه كثيرا، فلا يستقر عليه قدر الفرض من الجبهة فيسويه حينئذ مرة أو مرتين؛ لأن فيه روايتين، في رواية "تسويه مرة"، وفي رواية تسويه مرتين، وفي أظهر الروايتين أنه يسويه مرة ولا يزيد عليها. وأما علة النهي ففي قوله: (فإن الرحمة تواجهه) أي: تنزل عليه وتقبل إليه، وهي علة للنهي، يعني فلا يليق لعاقل تلقى شكر تلك النعمة الخطيرة بهذه الفعلة الحقيرة، قاله الطيبي. وقال الشوكاني: هذا التعليل يدل على أن الحكمة في النهي عن المسح أن لا يشغل خاطره بشيء يلهيه عن الرحمة المواجهة له، فيفوته حظه منها.