كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»، قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ، سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «لَعَلَّهُ، يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]».
أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه إذا عصفت الريح واشتد هبوبها دعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم إني أسألك خيرها) في ذاتها (وخير ما فيها) من منافع مما يتَّصل بالمطر، أو النبات، ونحو ذلك، (وخير ما أرسلت به)، في هذا الحين الذي جاءت هذه الريحُ به من سوق سحابٍ، أو غير ذلك مما لا يعلمه، (وأعوذ بك من شرها) في ذاتها، (وشر ما فيها) ويحصل بسببها من أضرار، كقلع الأشجار، وتخريب الزروع وتدمير الديار، (وشر ما أرسلت به) في هذا الحين الذي جاءت هذه الريحُ به، قالت: وإذا رأى سحابة فيها رعد وبرق يخيل أنها ماطرة لم يكن يفرح ويُسرّ، بل تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت السماء؛ زال عنه وعرف ذلك في وجهه، وقال: (اللهم صيبا هنيئا). قالت، فقلت: يا رسول الله، أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا؛ رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال: ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟! فإن قوم عاد لما أتاهم العذاب قالوا: هذه سحابة تمطرنا وليست عذابا؛ فكانت ريحا وعذابا عليهم: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الأحقاف: 24].