عن سعد بن أبي وقاص قال: خلَّفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تُخلِّفُني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي».
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

في غزوة تبوك التي كانت في السنة التاسعة ترك النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب في المدينة ولم يصحبه معه في تلك الغزوة، ليكون خليفته في المدينة، فقال عليٌّ: يا رسول الله، أتتركني مع النساء والصبيان؟ فردَّ عليه النبي عليه الصلاة والسلام: ألا تحب أن تكون منزلتك عندي مثل منزلة هارون من موسى عليهما السلام؟ وهذا الكلام إنما خرج من النبي صلى الله عليه وسلم لبيان فضيلة علي، وعلوِّ مكانته، لا في الإمامة والخلافة؛ لأنه ليس كلُّ مَن وجب حقه، وصار مفضَّلًا استحق الإمامة، وهارون مات قبل موسى بزمان، فاستخلف موسى بعده يوشع بن نون، فهارون إنما كان خليفة لموسى في حياته، ولم يكن هارون خليفةً لموسى بعد موته، فلا يكون ذلك دليلًا على أن عليًا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وقد اشترك معه في مثل هذا الاستخلاف في غزوات أخرى غيره ممن لا يدعي له أحد بالخلافة، كابن أم مكتوم رضي الله عنه. ثم نفى عليه الصلاة والسلام أن يأتي بعده نبي، وإنما قاله النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرًا مما وقعت فيه طائفة من غلاة الرافضة، فإنهم قالوا: إن عليا نبي يوحى إليه، وقد تناهى بعضهم في الغلو إلى أن صار في علي إلى ما صارت إليه النصارى في المسيح، فقالوا: إنه الإله، وقد حرق علي رضي الله عنه من قال ذلك، فافتتن بذلك جماعة منهم، وزادهم ضلالًا، وقالوا: الآن تحققنا: أنه الله، لأنه لا يعذب بالنار إلا الله، وهذه كلها عقائد باطلة.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

خلّف:
تركه خلفه نائبًا عنه.
بمنزلة هارون:
نازلًا مني منزلة هارون من موسى.

من فوائد الحديث

  1. فضيلة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنه ذو مكانة عند الله تعالى، حيث جعله من نبيه صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى عليه السلام، وهذا غاية الفضل والكمال.
  2. في قوله: "إلا أنه لا نبي بعدي" دليل على أن عيسى عليه السلام إذا نزل يدعو ويعمل بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ينزل نبيًا.
  3. لا دلالة في الحديث أن الخلافة تكون لعلي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
المراجع
  1. صحيح البخاري (6/ 3) (4416)، صحيح مسلم (4/ 1870) (2404)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/ 274)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (38/ 557) (38/ 559).