عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى ‌الظهر ‌بمنى. قال نافع: فكان ابن عمر يفيض يوم النحر، ثم يرجع فيصلي ‌الظهر ‌بمنى، ويَذكرُ أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل من منى إلى مكة، بعد رميه، ونحره، وحلقه، فطاف طواف الإفاضة، ويسمى أيضا طواف الزيارة وطواف الركن وطواف الحج، يوم عيد الأضحى، في حجة الوداع، وكان ذلك وقت الضحى، ثم رجع إلى منى في نفس اليوم فصلى الظهر بمنى، وفي هذا الحديث تصريح بأنه صلى الله عليه وسلم طاف طواف الإفاضة نهارًا، وصلى صلاة الظهر بمنى بعدما رجع من مكة. قال نافع: فكان ابن عمر رضي الله عنهما يفيض يوم النحر، ثم يرجع، فيصلي الظهر بمنى اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، أي فينبغي الاقتداء به في ذلك، فيستحب للحاج أن يرتب هذه الأفعال كما رتبها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم النحر، فيرمي أولا، ثم يذبح هديه، ثم يحلق، ثم يطوف للإفاضة، ثم يرجع إلى منى، فإن أدرك بمنى صلاة الظهر صلى بها، هذا هو الأحسن والأولى. ولم يُختلَف في أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، وأن سنته يوم النحر، فإن تركه حتى رجع إلى بلده رجع وطاف، ولا يجزئه إلا ذلك. ووجه الجمع بين هذا الحديث وحديث جابر وعائشة، أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة كما قال جابر وعائشة رضي الله عنهما، ثم رجع إلى منى، فوجد أصحابه ينتظرون؛ ليصلوا معه الظهر، فصلى بهم مرة أخرى، كما صلى بهم صلاة الخوف مرتين مرة بطائفة، ومرة بطائفة أخرى في بطن نخل، فرأى جابر وعائشة رضي الله عنها صلاته في مكة، فأخبرا بما رأيا، وقد صدقا، ورأى ابن عمر رضي الله عنهما صلاته بهم في منى، فأخبر بما رأى وقد صدق.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

أفاض:
الإفاضة: الزحف والدفع في السير بكثرة، والصبّ، وسمي طواف الإفاضة يوم النحر بذلك؛ لأنه يفيض من منى إلى مكة، فيطوف ثم يرجع.
يوم النحر:
هو يوم عيد الأضحى العاشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي تُنحر فيه الأضاحي والهدي، تقربًا إلى الله عزوجل.

من فوائد الحديث

  1. إثبات طواف الإفاضة في الحج، وقد أجمع العلماء على أن هذا الطواف ركن من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به.
  2. استحباب طواف الإفاضة يوم النحر، وأول النهار، واتفق العلماء على أنه يستحب فعله يوم النحر بعد الرمي، والنحر والحلق، فإن أخره عنه، وفعله في أيام التشريق أجزأه، ولا دم عليه بالإجماع، فإن أخره إلى ما بعد أيام التشريق، وأتى به بعدها أجزأه، ولا شيء عليه عند جمهور العلماء.
  3. بيان شدة حرص ابن عمر رضي الله عنهما على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، أو يتركه، وهكذا ينبغي للمسلم أن يكون حريصًا على اتباعه صلى الله عليه وسلم، فقد ضمن الله تعالى الهداية والفلاح في اتباعه صلى الله عليه وسلم.
المراجع
  1. صحيح مسلم (2/ 950) (1308)، النهاية في غريب الحديث والأثر (723)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 410)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (23/ 730).
المزيد