أنَّ نَفَرًا كانوا جُلوسًا بباب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضُهم: ألم يَقُلِ اللهُ كذا وكذا؟ وقال بعضُهم: ألم يَقُلِ اللهُ كذا وكذا؟ فسمِعَ ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج كأنَّما فُقِئَ في وجهِه حَبُّ الرُّمَّان، فقال: «بهذا أُمِرْتُم؟ أو بهذا بُعِثْتم؟ أنْ تَضْربُوا كتابَ اللهِ بعضَه ببعض؟ إنَّما ضَلَّتِ الأُمَمُ قبلكم في مثل هذا، إنَّكم لستُم ممَّا هاهنا في شيء، انظروا الذي أُمِرتم به، فاعملوا به، والذي نُهِيتُم عنه، فانتهوا».
جلس عند باب النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة، فاختلفوا في مسألة من مسائل القَدَر، فجعل بعضهم يستدل على قوله بآية من كتاب الله، وجعل الآخر يستدل بآية أخرى، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فخرج عليهم وقد غضب واحمر وجهه احمرارا شديدا، وقال لهم: أبهذا الاختلاف والجدال والتنازع، ومعارضة القرآن بعضه ببعض أمرتم؟! أم لهذا خلقتم؟! ثم أخبرهم أن سبب ضلال الأمم قبلهم بمثل هذا الفعل، وأنهم ليسوا مأمورين بهذا الجدال، ولم يخلقوا من أجله، فلا حاجة إليه، ثم أرشدهم إلى ما فيه صلاحهم ونفعهم، فقال: ما أمركم الله فاعملوا به، وما نهاكم عنه فانتهوا عنه.