عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ»، فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا: نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ. هَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإِسْلَامَ»، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةٍ إِلَى السَّبْعِمِائةٍ؟ قَالَ: «إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا»، قَالَ: فَابْتُلِيَنَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا.
[صحيح] - [متفق عليه]

الشرح

أخبر حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يكتبوا له من دخل في الإسلام من الناس، فكتبوا له ألفًا وخمسَمائة رجل، فقالوا: كيف نخاف ونحن ألف وخمسمائة رجل؟ ومرادهم بهذا تبشير النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنهم قالوا له: أتخاف علينا ظهور العدو، وقد كثر عددنا، وقويت شوكتنا، وقد نصرنا الله تعالى، ونحن في قلة وضعف؟ قال حذيفة: فقد رأينا أنفسنا ابتلينا، حتى إن الرجل يصلي وحده وهو خائف مع كثرة المسلمين. وفي رواية قال عليه الصلاة والسلام: احصروا لي كم شخصًا يتكلم بكلمة الإسلام؟ فقال الصحابة: يا رسول الله هل تخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ فلعل بعضهم قدَّر العدد قبل الإحصاء، فقال محذِّرًا لهم من الزهو والإعجاب بالكثرة، إذ النصر ليس بالكثرة، وإنما هو من عند الله تعالى: ما يدريكم لعلكم تبتلون مع كثرة عددكم، قال حذيفة: فوقع كما أخبر عليه الصلاة والسلام فابتلينا حتى أصبح الرجل منا لا يصلي إلا سرًّا، ولعله أراد أنه كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرًّا يخاف من الظهور؛ لسوء عاقبته.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام:
احصوا عدد المسلمين.

من فوائد الحديث

  1. جواز الاستسرار بالإيمان للخائف على نفسه.
  2. جواز إحصاء عدد المسلمين، إذا كان لأغراض مشروعة أو مباحة.
  3. مشروعية كتابة دواوين الجيوش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة عمن لا يصلح، ولا يتخيل أن كتابة الجيش، وإحصاء عدده، يكون ذريعة لارتفاع البركة، بل الكتابة المأمور بها لمصلحة دينية، والمؤاخذة التي وقعت في حنين، كانت من جهة الإعجاب.
  4. وقوع العقوبة على الإعجاب بالكثرة.
  5. فيه علم من أعلام النبوة، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع بعده، فوقع كما أخبر به.
  6. كمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم، وشدة رأفته بأصحابه خاصة، وبأمته عامة، فكان يحذرهم ويخبرهم بما سيحصل لهم من الابتلاء والامتحان؛ حتى يستعدوا لذلك بالصبر والتوكل على الله.
المراجع
  1. صحيح البخاري (4/ 72) (3060)، صحيح مسلم (1/ 131) (149)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 306)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (4/ 169) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (5/ 175).