عن أبي الزاهرية قال: كنا مع عبد الله بن بُسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة, فجاء رجل يتخطى رقاب الناس، فقال عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقابَ الناس يوم الجمعة والنبي صلَّى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلَّى الله عليه وسلم: "اجلِس فقد آذَيتَ" وعند ابن ماجه: "وآنيت".
[صحيح] - [رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه]

الشرح

قال أبو الزاهرية حُدَير بن كُريب الحمصي رحمه الله: كنا مع الصحابي عبد الله بن بُسر رضي الله عنه في صلاة الجمعة، فجاء رجلٌ يتخطى رقاب الناس، أي يشق صفوف الناس المنتظرين للخطبة، فذكر عبد الله بن بسر أن مثل هذا حدث في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد جاء رجل يتخطى رقاب الناس والنبي صلَّى الله عليه وسلم يخطب خطبة الجمعة، فأمره النبي بأن يجلس، وأخبر أنه قد أذى الناس بتخطي رقابهم، وفي الرواية الأخرى أنه أيضًا قد تأخر وأبطأ في المجيء، والمقصود من ذلك أن يجلس ولا يتخطى، ولا بد له من أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، فلعله صلى ركعتين عندما دخل المسجد ثم أراد أن يتقدم من أجل أن يحصل مكانًا متقدمًا، فأمره أن يجلس دون أن يصلي؛ لأن تحية المسجد وجدت منه من قبل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوَّز فيهما» رواه مسلم. وفي هذا الحديث بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التخطي أذى، فيجب على الإنسان أن يجلس حيث ينتهي به المجلس، أو يقف حيث ينتهي به الموقف، وليس له أن يتخطى الرقاب، ولا أن يخترق صفًا إلى صف آخر إلا إذا كان إمامًا لا يصل إلى مكانه إلا بهذه الطريق، أو رأى فُرجةً لا يصل إليها إلا بالتخطي. وفيه أن الخطيب له أن يكلم غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب هذا الرجل، والتخطي منهي عنه في يوم الجمعة وغير الجمعة، ولكنه يتأكد النهي عنه في الجمعة.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

يتخطى:
أي: يمشي خُطوة خطوة.
آنيت:
أخّرت المجيء وأبطأت.

من فوائد الحديث

  1. جواز أن يكلم الخطيب غيره في خطبته للحاجة، ولا يدخل ذلك في اللغو.
  2. النهي عن التخطي في يوم الجمعة وغير الجمعة، ولكنه يتأكد النهي عنه في الجمعة.
  3. من دخل المسجد ولم يصل فعليه أن يصلي ركعتين أولًا ثم يجلس حيث ينتهي به المجلس.
المراجع
  1. سنن أبي داود (2/ 333) (1118)، سنن النسائي (3/ 103) (1399)، سنن ابن ماجه (2/ 205) (1115)، صحيح مسلم (2/ 597) (875)، النهاية في غريب الحديث والأثر (273) (51)، شرح أبي داود للعيني (4/ 463)، شرح سنن أبي داود للعباد (140/ 3).