عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما مَثَلي ومَثَل الناس كمَثَل رجلٍ استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزِعُهن ويَغْلِبْنَه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحُجَزكم عن النار، وأنتم تقتحمون فيها».
[صحيح]
-
[متفق عليه]
ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلًا فقال: إنما مَثَلي ومَثَل الناس في دعائي إياهم إلى الإسلام المنقذ لهم من النار، ومثل ما زينت لهم أنفسهم من التمادي على الباطل: كمَثَل رجلٍ أوقد نارًا، فلما أنارت ما حوله جعل الفراش والدواب التي تطير وتتهافت في النار يقعن فيها، فجعل الرجل يكف الدواب ويمنعها من الدخول في النار، فتغلبه وتدخل فيها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنا آخذ بحُجَزكم، جمع حُجْزة، وهي معقد الإزار عن المعاصي التي هي سبب للولوج في النار، وأنتم تدخلون فيها، قال تعالى: {ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} [البقرة: 229]، فشبه صلى الله عليه وسلم إظهار تلك المحارم من الكتاب والسنة وفشو ذلك في الناس بإضاءة تلك النار ما حول المستوقِد، وشبه الناس وعدم مبالاتهم بذلك البيان وتعديهم حدود الله وحرصهم على استيفاء الشهوات بالتهافت على النار؛ لأنها سبب لعذاب الله تعالى، وشبه منعه إياهم عن ذلك بأخذ حجزهم، كما أن المستوقد كان غرضه من فعله انتفاع الخلق به من الاستضاءة والاستدفاء وغير ذلك، والفراش لجهلها جعلته سببًا لهلاكها، فكذلك القصد ببيان الحدود والتحذير منها اهتداء الأمة واجتنابها ما هو سبب هلاكهم، وهم مع ذلك لجهلهم يتبعون أهواءهم التي تكون سببًا فيما يضرهم.