لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ، كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ جَبَلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لَدَخَلْتَ النَّارَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه، فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ.
[صحيح]
-
[رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد]
يخبر عبد الله بن فيروز الديلمي أنه وقع في نفسه شَكٌّ واضطرابٌ من القدر؛ فأراد أن يزيل هذ الشك والاضطراب، فسأل أبي بن كعب، ثم حذيفة بن اليمان، ثم عبدالله بن مسعود، ثم زيد بن ثابت، فكلهم أجابه بجواب واحد، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله لو عذب أهل سماواته من الملائكة المقربين، وأهل أرضه من الأنبياء والناس أجمعين؛ لعذبهم وهو غير ظالم لهم؛ لأن الخلق عاجزون عن القيام بحق الله وعبادته حق العبادة، فعذابه عدل، وثوابه فضل؛ ولذا رحمته لعباده خير لهم من أعمالهم الصالحة، بل هذه الأعمال الصالحة التي قاموا بها من جملة رحمته بهم، ثم بين صلى الله عليه وسلم أن المسلم لو أنفق مثل جبل أحد ذهبا في سبيل الله ومرضاته ما قبل الله منه هذا الإنفاق حتى يؤمن بأن جميع أموره خيرها وشرها، حلوها ومرها، نفعها وضرها هي بقضاء الله وقدره وإرادته وأمره. ويوقن أن ما أصابه من خير أو شر لم يكن ليتجاوزه لغيره، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وأنه لو جاءه الموت وهو على غير هذا الاعتقاد في القضاء والقدر لاستحق دخول النار.