عن أبي مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: «استووا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، لِيَلِنِي منكم أولو الأحلام والنُّهى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» قال أبو مسعود: «فأنتم اليوم أشدُّ اختلافًا».
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

أخبر أبو مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده على مناكبهم قبيل الصلاة للتسوية وحتى لا يتقدم بعضهم على بعض أو يتأخر، فكان يراعي تسويتهم للصفوف عند القيام للصلاة ويتعهد ذلك، ويقول وهو يسوي المناكب: اعتدلوا في صفوفكم بألا يتقدم بعضكم على بعض، ولا تختلفوا في إقامة الصفوف بالأبدان بالتقدم والتأخر، فتختلف بذلك قلوبكم، وليقرب مني البالغون وأصحاب العقول الراجحة، وليدن مني العلماء النجباء وذوو السكينة والوقار، أمرهم به؛ ليحفظوا صلاته، ويضبطوا الأحكام والسنن، فيبلغوا من بعدهم، ثم الذين يقربون منهم في هذا الوصف، الذين يقاربون الأولين في النهى والحلم ثم الذين يقربون منهم، كالصبيان المميزين، أو الذين هم أنزل مرتبة من المتقدمين حلمًا وعقلًا، ثم قال أبو مسعود: فأنتم اليوم بسبب عدم تسويتكم الصفوف أشدُّ اختلافًا.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

مناكبنا:
المناكب: جمع منكب، وهو مابين الكتف والعنق.
ليلني:
ليدنُ ويقرب بأن يكونوا خلفي في الصف.
أولو الأحلام والنهى:
أصحاب العقول.

من فوائد الحديث

  1. وجوب تسوية الصفوف، وعدم الاختلاف فيها؛ لأنه جاء به الأمر، وترتب عليه الوعيد.
  2. شدة الاهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية الصفوف، وتولي ذلك بنفسه.
  3. أن عدم تسوية الصفوف يترتب عليه الاختلاف القلبي، فيستولي بسببه على المجتمع البغضاء، والتنافر، والتحاسد، وعدم توحيد الكلمة.
  4. أهل الفضل لهم حق التقدم في مجالس الخير والتكريم على حسب مراتبهم.
  5. بيان فضل العصر النبوي، إذ كان وقت تناصح، وتوافق، واتحاد كلمة، وقليل التنازع والاختلاف، وإنما جاء الاختلاف، واشتد بعده صلى الله عليه وسلم كما بينه أبو مسعود رضي الله عنه في هذا الكلام.
  6. من حكم إقامة الصفوف حصول الاستقامة والاعتدال ظاهرًا، كما هو المطلوب باطنًا، ولئلا يتخللهم الشيطان، فيفسد صلاتهم بالوسوسة، وما في ذلك من حسن الهيئة، وتمكنهم من صلاتهم مع كثرة جمعهم، فإذا تراصوا وسع جميعهم المسجد، وإذا لم يفعلوا ذلك ضاق عنهم.
المراجع
  1. صحيح مسلم (1/ 323) (432)، النهاية في غريب الحديث والأثر (940)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (10/ 234).