عن أنس قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: «أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي ومن خلفي» ثم قال: «والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا» قالوا: وما رأيت يا رسول الله قال: «رأيت الجنة والنار».
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة في يوم من الأيام، فلما سلم من الصلاة أقبل عليهم بوجهه الشريف، فقال مخاطبًا لهم: أيها الناس إني إمامكم، وحقُّ الإمام أن يُؤتم ويقتدى به على وجه المتابعة، بلا مسابقة ولا تأخر، قال: فلا تسبقوني في الصلاة بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالسلام، وأما الانصراف الذي يكون بعد السلام، فيجوز قبل الإمام، إلا إذا كان هناك نساء، فيتأخر مع الإمام حتى ينصرفن إلى بيوتهن قبل الاختلاط بالرجال، وأخبر أنه يراهم من أمامه ومن خلفه رؤية حقيقية، أعطاه الله تعالى إياها آية على نبوته، ثم قال: والذي نفسُ محمد بيده، وفيه إثبات اليد لله عز وجل على ما يليق بجلاله، لو رأيتم الذي رأيته، أي من عظيم قدرة الله تعالى، وشدة انتقامه من أهل الإجرام، لضحكتم ضحكًا قليلًا، ولم يقع منكم إلا نادرًا؛ لغلبة الخوف، واستيلاء الحزن عليكم، و لبكيتم بكاءً كثيرًا، أو زمنًا كثيرًا؛ خوفًا من عذاب الله تعالى، فسألوه: أي شيء رأيته؟ فأخبرهم أنه رأى الجنة والنار، وهذه الرؤية أيضًا حقيقيةٌ، يعني أن رؤية الجنة والنار سبب لكثرة البكاء، وقلة الضحك، فالجنة شوقًا إليها، وخوفًا من الحرمان منها، والنار خوفًا من الدخول فيها، والاحتراق بلهيبها.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

قضى الصلاة:
انتهى من أدائها.
أقبل علينا بوجهه:
التفت إلى المصلين فأصبحوا أمامه عليه الصلاة والسلام.
الانصراف:
التسليم.

من فوائد الحديث

  1. تحريم مسابقة الإمام بالركوع والسجود والقيام والسلام.
  2. حرص النبي صلى الله عليه وسلم، وشدة عنايته في تحذير أمته مما يكون سببًا لهلاكها، وحثهم على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وبالجملة فما من شيء فيه خير لهم إلا دلهم عليه، وما من شيء فيه شر إلا حذرهم منه.
  3. أن الله عز وجل خصَّ نبيَّه صلى الله عليه وسلم بخصائص، كرؤيته من وراءه في الصلاة، ورؤية الجنة والنار.
  4. الحث على قلة الضحك، وكثرة البكاء؛ لأن هذا هو اللائق بالعاقل؛ إذ لا يدري ماذا يكون حاله في الآخرة: هل يكون من الفائزين بدخول الجنة، أو يكون من الخاسرين بدخول النار؟.
  5. أن الجنة والنار مخلوقتان.
  6. إثبات اليد لله عز وجل على ما يليق بجلاله.
المراجع
  1. صحيح مسلم (1/ 320) (426)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (10/ 189).