عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنتُ أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئه وحاجته فقال لي: «سل» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك. قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

قال ربيعة الأسلمي رضي الله عنه: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكون موجودًا عنده في الليل لخدمته، فجئته بماءٍ يتوضأ به وبما يحتاج إليه من سواكٍ ونحوه، فقال لي: سل واطلب مني حاجتك حتى أكافئك على خدمتك لي، فقلت: أسألك أن أكون رفيقًا لك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ أي: هل تسأل غير ذلك؟ ألك حاجة غير ذلك؟ قلت: هو ذاك أي ما ذكرته لك من مرافقتي لك في الجنة لا غيره، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود أي الصلاة، وخص السجود بالذكر؛ لأنه مُذِلٌّ للنفس وقاهر لها؛ لما فيه من وضع أشرف الأعضاء وأعلاها على الأرض، وأي نفس خضعت لله تعالى استحقت رحمته وإحسانه ورفع درجاته، وليزداد من القرب ورفعة الدرجات حتى يقرب من منزلته صلى الله عليه وسلم، وإلم يساوه فيها. ولا يعترض هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه حذيفة ليلة الأحزاب: ألا رجل يأتيني بخبر القوم؛ جعله الله معي يوم القيامة؛ لأن هذا مثل قوله تعالى: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} الآية؛ لأن هذه المعية هي النجاة من النار والفوز بالجنة، إلا أن أهل الجنة على مراتبهم ومنازلهم بحسب أعمالهم وأحوالهم، وقيل: المراد تعظيم تلك الحاجة وأنها تحتاج إلى معاونة منك ومجرد السؤال مني لا يكفي فيها.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

وحاجته:
سائر ما يحتاج إليه كالسواك والسجادة.
سل:
اطلب.

من فوائد الحديث

  1. الحث على كثرة السجود بإكثار الصلوات؛ لأنه سبب لرفع الدرجات ومحو الخطيئات.
  2. بيان فضيلة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه، حيث كان شديد الاهتمام بالآخرة دون الدنيا؛ لقرب زوالها ودناءة مقدارها، والآخرة خير وأبقى، فالفوز الحقيقي هو الفوز في الآخرة.
  3. بيان شدة اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم حيث اهتم بهذا الصحابي؛ لقيامه بخدمته فأراد أن يكافئه على ذلك، وأن هذا كان هديه صلى الله عليه وسلم مع من يخدمه.
  4. ينبغي للرئيس والمعلم ونحوهما أن يهتم بحوائج مرؤوسيه المحسنين إليه وسؤاله إياهم ما يحتاجون إليه حتى يعينهم على حوائجهم بما يستطيعه، فإلم يستطع دعا لهم.
  5. جواز طلب الرتبة الرفيعة من مرافقة الأنبياء ونحو ذلك.
  6. بيان أن من الناس من يكون مع الأنبياء عليهم السلام في الجنة.
  7. الحث على مجاهدة النفس وقهرها بكثرة الطاعة وعلى أن نيل المراتب العلية بمخالفة النفس الدنية.
  8. أن الإكثار من الصلاة سبب لعلو الدرجات.
المراجع
  1. صحيح مسلم (1/ 353) (489)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/431)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (11/ 233)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 93).