عن عمرو بن العاص، قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السَّلاسل، فأشفقتُ أن اغتسل فأهْلِكَ، فتيممتُ ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جنب؟" فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} [النساء: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئَا.
[صحيح] - [رواه أبو داود]

الشرح

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، وكانت في السنة الثامنة من الهجرة، وتسمى سريةً من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشارك فيها، فحصل له احتلام في النوم، فخفتُ أن اغتسل بالماء البارد في الليل فأهْلِكَ، وكان هذا في آخر الليل؛ لأن البرد يكون أشد ما يكون في آخر الليل، فتيممتُ ثم صليتُ بأصحابي صلاة الصبح؛ لأنه كان أمير الغزوة، فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: يا عمرو، هل صليتَ بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بما منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول، أي سمعت كلام الله عز وجل: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء: 29]، ولهذا فهم عمرو رضي الله عنه من الآية أنه لو اغتسل بالماء البارد لهلك، وأنه يعدل عن الاغتسال إلى التيمم، واحتج بهذه الآية وتلاها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئَا، أي أنه أقره على ذلك.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

فأشفقت:
خفت.
جنب:
الجُنب الذي يجب عليه الغسل بالجماع وخروج المني.

من فوائد الحديث

  1. جواز التيمم للمسافر الذي يخاف البرد، وإن كان يجد الماء.
  2. عدم إعادة الصلاة التي صلاها بالتيمم في هذه الحالة، وهو حجة على من يأمر بالإعادة؛ لأنه عليه السلام لم يأمره بالإعادة لا صريحًا ولا دلالةً.
  3. جواز الاجتهاد في زمن النبي عليه الصلاة والسلام في حال غيبته.
المراجع
  1. سنن أبي داود (1/ 249) (334)، شرح أبي داود للعيني (2/ 149)، شرح سنن أبي داود للعباد (52/ 3)، النهاية في غريب الحديث والأثر (ص 167).