عن عبادةَ بن الصامتِ، قال: عَلَّمتُ ناساً من أهل الصُّفَّةِ الكتابَ والقرآنَ، فأهْدَى إليَّ رجلٌ منهم قَوْسًا، فقلت: ليست بمالٍ وأرمي عنها في سبيلِ الله عز وجل، لآتِيَنَّ رسولَ الله فلأسألَنَّهُ، فأتيتُه، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، رجلٌ أهدى إلي قوسًا ممن كنت أُعلِّمُه الكتابَ والقرآنَ، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله؟ قال: "إن كنتَ تُحبُّ أن تُطَوَّقَ طَوقًا من نارٍ فاقبَلْها".
[حسن] - [رواه أبو داود وابن ماجه]

الشرح

قال عبادة بن الصامت: علَّمتُ ناسًا من أهل الصُّفة، وهم فقراء المسلمين وكانوا يسكنون في المسجد، فعلمهم عبادة الكتاب وهي الكتابة والقرآن، فأهداه رجل منهم قوسًا، فقال عبادة: ليست أي القوس بمال أي: لم يعهد في العرف عَدُّ القوسِ من الأجرة، فأخذُها لا يضر، وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، أي أرمي بها في سبيل الله، لأذهبن إلى رسول الله وأسأله، أي ليطمئن قلبه، فقال: يا رسول الله، رجل أهدى إلي قوسًا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله؟ قال: إن كنتَ تحب أن تطوق طوقًا من نار فاقبلها، أي إن كنت تريد أن تلبس طوقًا من نار حول رقبتك فاقبل القوس، وهذا يدل على تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وقال بعض أهل العلم في التوفيق بين هذا وبين ما جاء في جواز أخذ الأجرة، وهو قصة الذي رقى اللديغ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله): يحمل هذا الحديث على ما إذا كان متعينًا عليه أنه يعلم القرآن، وليس هناك أحد غيره يقوم بهذا العمل، فإنه يقوم به في غير مقابل، أما إن كان غير متعين عليه فله أن يأخذ الأجرة. ومنهم من قال إن هذا الحديث منسوخ، كالسيوطي، وذهب آخرون لتضعيف هذا الحديث.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

أهل الصفة:
فقراء المسلمين وكانوا يسكنون المسجد.
إن كنت تحب أن تطوق:
إن كنت تريد أن تلبس.

من فوائد الحديث

  1. العلماء اختلفوا في أخذ المعلم أجرة على تعليمه، فمنهم من قال: إن المعلم لا يأخذ الأجرة، ولكنه يأخذ الجعل الذي يوضع له في بيت المال أو في أوقاف المسلمين على من يعمل أعمال القربات، مثل تعليم العلم النافع وتعليم القرآن، فيأخذ الجعل ولا يأخذ الأجرة، ولا يقال: إنه أجير، ولكن يقال: إنه يعمل عملًا طيبًا، ويأخذ الجعل الذي خصص في بيت المال أو في أوقاف المسلمين أو من أهل حي أو أهل قرية.
  2. ومن العلماء من قال: إن أخذ الأجرة على التعليم جائزة، بدليل حديث اللديغ، قالوا: فهذا يدل على جواز الإجارة على تعليم القرآن.
  3. جواز إهداء الهدية.
  4. مراجعة أهل العلم وسؤالهم.
المراجع
  1. سنن أبي داود (5/ 290) (3416)، سنن ابن ماجه (3/ 286) (2157)، معالم السنن (3/99)، شرح سنن أبي داود للعباد (391/ 3)، حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/ 8).